" قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ " دل هذا على أن يعقوب عليه السلام, كان مولعا به, لا يصبر عنه, وكان يتسلى به بعد يوسف, فلذلك احتاج إلى مراودة في بعثه معهم " وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ " لما أمرتنا به.
وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ↓
" وَقَالَ " يوسف " لِفِتْيَانِهِ " الذين في خدمته: " اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ " أي: الثمن الذي اشتروا به من الميرة.
" فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا " أي: بضاعتهم إذا رأوها بعد ذلك, في رحالهم.
" لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " لا لأجل التحرج من أخذها على ما قيل.
والظاهر, أنه أراد أن يرغبهم في إحسانه إليهم, بالكيل لهم كيلا وافيا ثم إعادة بضاعتهم إليهم, على وجه لا يحسون بها, ولا يشعرون لما يأتي, فإن الإحسان يوجب للإنسان تمام الوفاء للمحسن.
" فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا " أي: بضاعتهم إذا رأوها بعد ذلك, في رحالهم.
" لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " لا لأجل التحرج من أخذها على ما قيل.
والظاهر, أنه أراد أن يرغبهم في إحسانه إليهم, بالكيل لهم كيلا وافيا ثم إعادة بضاعتهم إليهم, على وجه لا يحسون بها, ولا يشعرون لما يأتي, فإن الإحسان يوجب للإنسان تمام الوفاء للمحسن.
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ↓
" فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ " أي: إن لم ترسل معنا أخانا.
" فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ " أي: ليكون ذلك سببا لكيلنا.
ثم التزموا له بحفظه فقالوا: " وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " من أن يعرض له ما يكره.
" فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ " أي: ليكون ذلك سببا لكيلنا.
ثم التزموا له بحفظه فقالوا: " وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " من أن يعرض له ما يكره.
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ↓
" قَالَ " لهم يعقوب عليه السلام: " هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ " .
أي: تقدم منكم التزام, أكثر من هذا, في حفظ يوسف, ومع هذا, فلم تفوا بما عقدتم من التأكيد, فلا أثق بالتزامكم وحفظكم, وإنما أثق بالله تعالى.
" فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " أي: يعلم حالي, وأرجو أن يرحمني, فيحفظه ويرده علي, وكأنه في هذا الكلام, قد لان لإرساله معهم.
أي: تقدم منكم التزام, أكثر من هذا, في حفظ يوسف, ومع هذا, فلم تفوا بما عقدتم من التأكيد, فلا أثق بالتزامكم وحفظكم, وإنما أثق بالله تعالى.
" فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " أي: يعلم حالي, وأرجو أن يرحمني, فيحفظه ويرده علي, وكأنه في هذا الكلام, قد لان لإرساله معهم.
وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ↓
ثم إنهم " وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ " .
هذا دليل, على أنه قد كان معلوما عندهم, أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد, وأنه أراد أن يملكهم إياها.
" قَالُوا " لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم -: " يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي " أي: أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل, حيث وفى لنا الكيل, ورد علينا بضاعتنا, على الوجه الحسن, المتضمن للإخلاص, ومكارم الأخلاق؟ " هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا " أي: إذا ذهبنا بأخينا, صار سببا لكيله لنا, فنمير أهلنا, ونأتي لهم, بما هم مضطرون إليه من القوت.
" وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ " بإرساله معنا, فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير.
" ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ " أي: سهل, لا ينالك منه ضرر, لأن المدة لا تطول, والمصلحة قد تبينت.
هذا دليل, على أنه قد كان معلوما عندهم, أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد, وأنه أراد أن يملكهم إياها.
" قَالُوا " لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم -: " يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي " أي: أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل, حيث وفى لنا الكيل, ورد علينا بضاعتنا, على الوجه الحسن, المتضمن للإخلاص, ومكارم الأخلاق؟ " هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا " أي: إذا ذهبنا بأخينا, صار سببا لكيله لنا, فنمير أهلنا, ونأتي لهم, بما هم مضطرون إليه من القوت.
" وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ " بإرساله معنا, فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير.
" ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ " أي: سهل, لا ينالك منه ضرر, لأن المدة لا تطول, والمصلحة قد تبينت.
قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ↓
" قَالَ " لهم يعقوب: " لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِي مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ " أي: عهدا ثقيلا,, وتحلفون بالله " لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ " أي: إلا أن يأتي أمر, لا قبل لكم به, ولا تقدرون دفعه.
" فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ " على ما قال وأراد " قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ " أي تكفينا شهادته علينا, وحفظه وكفالته.
" فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ " على ما قال وأراد " قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ " أي تكفينا شهادته علينا, وحفظه وكفالته.
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ↓
ثم لما أرسله معهم, وصاهم, إذا هم قدموا مصر, أن " لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ " وذلك لأنه خاف عليهم العين, لكثرتهم وبهاء منظرهم, لكونهم أبناء رجل واحد, وهذا سبب.
وإلا " وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ " فالمقدر, لا بد أن يكون.
" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ " أي القضاء, قضاؤه, والأمر أمره.
فما قضاه وحكم به, لا بد أن يقع.
" عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ " أي: اعتمدت على الله, لا على ما وصيتكم به من السبب.
" وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " فإن بالتوكل, يحصل كل مطلوب, ويندفع كل مرهوب.
وإلا " وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ " فالمقدر, لا بد أن يكون.
" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ " أي القضاء, قضاؤه, والأمر أمره.
فما قضاه وحكم به, لا بد أن يقع.
" عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ " أي: اعتمدت على الله, لا على ما وصيتكم به من السبب.
" وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " فإن بالتوكل, يحصل كل مطلوب, ويندفع كل مرهوب.
وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ↓
" وَلَمَّا " ذهبوا و " دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ " ذلك الفعل " يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا " وهو موجب الشفقة, والمحبة للأولاد, فحصل له في ذلك, نوع طمأنينة, وقضاء لما في خاطره.
وليس هذا قصورا في علمه, فإنه من الرسل الكرام, والعلماء الربانيين.
ولهذا قال عنه: " وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ " أي: لصاحب علم عظيم " لِمَا عَلَّمْنَاهُ " أي: لتعليمنا إياه, لا بحوله وقوته أدركه, بل بفضل الله وتعليمه.
" وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " عواقب الأمور, ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم, يخفى عليهم من العلم وأحكامه, ولوازمه شيء كثير.
وليس هذا قصورا في علمه, فإنه من الرسل الكرام, والعلماء الربانيين.
ولهذا قال عنه: " وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ " أي: لصاحب علم عظيم " لِمَا عَلَّمْنَاهُ " أي: لتعليمنا إياه, لا بحوله وقوته أدركه, بل بفضل الله وتعليمه.
" وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " عواقب الأمور, ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم, يخفى عليهم من العلم وأحكامه, ولوازمه شيء كثير.
وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ↓
أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف " آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ " أي: شقيقه وهو " بنيامين " الذي أمرهم بالإتيان به, وضمه إليه, واختصه من بين إخوته, وأخبره بحقيقة الحال.
" قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ " أي: لا تحزن " بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " فإن العاقبة خير لنا.
ثم أخبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.
" قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ " أي: لا تحزن " بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " فإن العاقبة خير لنا.
ثم أخبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.
فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ↓
" فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ " أي: كال لكل واحد من إخوته, ومن جملتهم أخوه هذا.
" جَعَلَ السِّقَايَةَ " وهو: الإناء الذي يشرب به, ويكال فيه " فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ " أوعوا متاعهم.
فلما انطلقوا ذاهبين, " أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ " .
ولعل هذا المؤذن, لم يعلم بحقيقة الحال.
" جَعَلَ السِّقَايَةَ " وهو: الإناء الذي يشرب به, ويكال فيه " فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ " أوعوا متاعهم.
فلما انطلقوا ذاهبين, " أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ " .
ولعل هذا المؤذن, لم يعلم بحقيقة الحال.
" قَالُوا " أي: إخوة يوسف " وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ " لإبعاد التهمة.
فإن السارق, ليس له هم إلا البعد والانطلاق عمن سرق منه, لتسلم له سرقته.
وهؤلاء, جاءوا مقبلين إليهم, ليس لهم هم إلا إزالة التهمة, التي رموا بها عنهم.
فقالوا في هذه الحال: " مَاذَا تَفْقِدُونَ " ولم يقولوا " ما الذي سرقنا " لجزمهم بأنهم براء من السرقة.
فإن السارق, ليس له هم إلا البعد والانطلاق عمن سرق منه, لتسلم له سرقته.
وهؤلاء, جاءوا مقبلين إليهم, ليس لهم هم إلا إزالة التهمة, التي رموا بها عنهم.
فقالوا في هذه الحال: " مَاذَا تَفْقِدُونَ " ولم يقولوا " ما الذي سرقنا " لجزمهم بأنهم براء من السرقة.
" قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ " أي: أجرة له, على وجدانه " وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ " أي: كفيل, وهذا يقوله المتفقد.
" قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ " بجميع أنواع المعاصي.
" وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ " فإن السرقة, من أكبر أنواع الفساد في الأرض.
وإنما أقسموا على علمهم, أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين, لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم, وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم, وهذا أبلغ في نفي التهمة, من أن لو قالوا: " تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق " .
" وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ " فإن السرقة, من أكبر أنواع الفساد في الأرض.
وإنما أقسموا على علمهم, أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين, لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم, وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم, وهذا أبلغ في نفي التهمة, من أن لو قالوا: " تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق " .
" قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ " أي: جزاء هذا الفعل " إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ " بأن كان معكم؟
" قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ " أي الموجود في رحله " جَزَاؤُهُ " بأن يتملكه صاحب السرقة.
وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة, كان ملكا لصاحب لمال المسروق, ولهذا قالوا: " كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " .
وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة, كان ملكا لصاحب لمال المسروق, ولهذا قالوا: " كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " .
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ↓
" فَبَدَأَ " المفتش " بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ " وذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد.
" ثُمَّ " لما لم يجد في أوعيتهم شيئا " اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ " ولم يقل " وجدها, أو سرقها أخوه " مراعاة للحقيقة الواقعة.
فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده, على وجه لا يشعر به إخوته.
قال تعالى: " كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ " أي: يسرنا له هذا الكيد, الذي توصل به إلى أمر غير مذموم " مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ " لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق, وإنما له عندهم, جزاء آخر.
فلو ردت الحكومة إلى دين الملك, لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده.
ولكنه جعل الحكم منهم, ليتم له ما أراد.
قال تعالى " نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ " بالعلم النافع, ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها, كما رفعنا درجات يوسف.
" وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " فكل عالم, فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.
" ثُمَّ " لما لم يجد في أوعيتهم شيئا " اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ " ولم يقل " وجدها, أو سرقها أخوه " مراعاة للحقيقة الواقعة.
فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده, على وجه لا يشعر به إخوته.
قال تعالى: " كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ " أي: يسرنا له هذا الكيد, الذي توصل به إلى أمر غير مذموم " مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ " لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق, وإنما له عندهم, جزاء آخر.
فلو ردت الحكومة إلى دين الملك, لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده.
ولكنه جعل الحكم منهم, ليتم له ما أراد.
قال تعالى " نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ " بالعلم النافع, ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها, كما رفعنا درجات يوسف.
" وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " فكل عالم, فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.
قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ ↓
فلما رأى إخوة يوسف ما رأوا " قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ " هذا الأخ, فليس هذا غريبا عنه.
" فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ " يعنون: يوسف عليه السلام.
ومقصودهم تبرئة أنفسهم وأن هذا وأخاه, وقد يصدر منهم ما يصدر من السرقة, وهما ليسا شقيقين لنا.
وفي هذا من الغض عليهما, ما فيه, ولهذا: أسرها يوسف في نفسه " وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ " أي لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون, بل كظم الغيظ, وأسر الأمر في نفسه.
و " قَالَ " في نفسه " أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا " حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه.
" وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ " منا, من وصفنا بالسرقة, يعلم الله أنا براء منها.
ثم سلكوا معه, مسلك التملق, لعله يسمح لهم بأخيهم.
" فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ " يعنون: يوسف عليه السلام.
ومقصودهم تبرئة أنفسهم وأن هذا وأخاه, وقد يصدر منهم ما يصدر من السرقة, وهما ليسا شقيقين لنا.
وفي هذا من الغض عليهما, ما فيه, ولهذا: أسرها يوسف في نفسه " وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ " أي لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون, بل كظم الغيظ, وأسر الأمر في نفسه.
و " قَالَ " في نفسه " أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا " حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه.
" وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ " منا, من وصفنا بالسرقة, يعلم الله أنا براء منها.
ثم سلكوا معه, مسلك التملق, لعله يسمح لهم بأخيهم.
قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ↓
" قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا " أي: وإنه لا يصبر عنه, وسيشق عليه فراقه.
" فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك.
" فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك.
قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ ↓
" قَالَ " يوسف " مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ " أي: هذا ظلم منا, لو أخذنا البريء, بذنب من وجدنا متاعنا عنده, ولم يقل " من سرق " كل هذا تحرز من الكذب.
" إِنَّا إِذًا " أي: إن أخذنا غير من وجد في رحله " لَظَالِمُونَ " حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها.
" إِنَّا إِذًا " أي: إن أخذنا غير من وجد في رحله " لَظَالِمُونَ " حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها.
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ↓
أي: فلما استيأس إخوة يوسف من يوسف أن يسمح لهم بأخيهم " خَلَصُوا نَجِيًّا " أي: اجتمعوا وحدهم, ليس معهم غيرهم, وجعلوا يتناجون فيما بينهم.
" قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ " في حفظه, وأنكم تأتون به إلا أن يحاط بكم " وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ " .
فاجتمع عليكم الأمران, تفريطكم السابق في يوسف, وعدم إتيانكم بأخيه باللاحق, فليس لي وجه أواجه به أبي.
" فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ " أي: سأقيم في هذه الأرض, ولا أزال بها " حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي " أي: يقدر لي المجيء, أو مع أخي " وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " .
" قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ " في حفظه, وأنكم تأتون به إلا أن يحاط بكم " وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ " .
فاجتمع عليكم الأمران, تفريطكم السابق في يوسف, وعدم إتيانكم بأخيه باللاحق, فليس لي وجه أواجه به أبي.
" فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ " أي: سأقيم في هذه الأرض, ولا أزال بها " حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي " أي: يقدر لي المجيء, أو مع أخي " وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " .
ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ↓
ثم وصاهم بما يقولون لأبيهم فقال: " ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ " أي: وأخذ بسرقته, ولم يحصل لنا أن نأتيك به, مع ما بذلنا من الجهد في ذلك.
والحال, أنا ما شهدنا بشيء لم نعلمه, وإنما شهدنا بما علمنا, لأننا رأينا الصواع, استخرج من رحله.
" وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ " أي: لو كنا نعلم الغيب, لما حرصنا, وبذلنا المجهود في ذهابه معنا, ولما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا, فلم نظن أن الأمر سيبلغ ما بلغ.
والحال, أنا ما شهدنا بشيء لم نعلمه, وإنما شهدنا بما علمنا, لأننا رأينا الصواع, استخرج من رحله.
" وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ " أي: لو كنا نعلم الغيب, لما حرصنا, وبذلنا المجهود في ذهابه معنا, ولما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا, فلم نظن أن الأمر سيبلغ ما بلغ.
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ↓
" وَاسْأَلِ " إن شككت في قولنا " الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا " فقد اطلعوا على ما أخبرناك به " وَإِنَّا لَصَادِقُونَ " لم نكذب, ولم نغير, ولم نبدل, بل هذا الواقع.
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ↓
فلما رجعوا إلى أبيهم, وأخبروه بهذا الخبر, اشتد حزنه, وتضاعف كمده, واتهمهم أيضا في هذه القضية, كما اتهمهم في الأولى.
و " قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ " أي: ألجأ في ذلك, إلى الصبر الجميل, الذي لا يصحبه تسخط, ولا جزع, ولا شكوى للخلق.
ثم لجأ إلى حصول الفرج, لما رأى أن الأمر اشتد, والكربة انتهت فقال: " عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا " أي: يوسف و " بنيامين " , وأخوهم الكبير, الذي أقام في مصر.
" إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ " الذي يعلم حالي, واحتياجي إلى تفريجه ومنته, واضطراري إلى إحسانه.
" الْحَكِيمُ " الذي جعل لكل شيء قدرا, ولكل أمر منتهى, بحسب ما اقتضته حكمته الربانية.
و " قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ " أي: ألجأ في ذلك, إلى الصبر الجميل, الذي لا يصحبه تسخط, ولا جزع, ولا شكوى للخلق.
ثم لجأ إلى حصول الفرج, لما رأى أن الأمر اشتد, والكربة انتهت فقال: " عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا " أي: يوسف و " بنيامين " , وأخوهم الكبير, الذي أقام في مصر.
" إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ " الذي يعلم حالي, واحتياجي إلى تفريجه ومنته, واضطراري إلى إحسانه.
" الْحَكِيمُ " الذي جعل لكل شيء قدرا, ولكل أمر منتهى, بحسب ما اقتضته حكمته الربانية.
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ↓
أي: وتولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده, بعد ما أخبروه هذا الخبر, واشتد به الأسف والأسى, وابيضت عيناه من الحزن, الذي في قلبه, والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء, حيث ابيضت عيناه من ذلك.
" فَهُوَ كَظِيمٌ " أي: ممتلئ القلب من الحزن الشديد.
" وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ " أي: ظهر منه ما كمن من الهم القديم, والشوق المقيم, وذكرته هذه المصيبة الخفيفة, بالنسبة للأولى, المصيبة الأولى,
" فَهُوَ كَظِيمٌ " أي: ممتلئ القلب من الحزن الشديد.
" وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ " أي: ظهر منه ما كمن من الهم القديم, والشوق المقيم, وذكرته هذه المصيبة الخفيفة, بالنسبة للأولى, المصيبة الأولى,
قَالُواْ تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ↑
فقال له أولاده - متعجبين من حاله -: " تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ " أي: لا تزال تذكر يوسف في جميع أحوالك.
" حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا " أي: فانيا لا حراك فيك, ولا قدرة على الكلام.
" أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ " أي: لا تترك ذكره مع قدرتك على ذكره أبدا.
" حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا " أي: فانيا لا حراك فيك, ولا قدرة على الكلام.
" أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ " أي: لا تترك ذكره مع قدرتك على ذكره أبدا.
" قَالَ " يعقوب " إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي " أي: ما أبت من الكلام " وَحُزْنِي " الذي في قلبي " إِلَى اللَّهِ " وحده لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق فقولوا ما شئتم " وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " من أنه سيردهم علي ويقر عيني بالاجتماع بهم.
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ↓
أي: قال يعقوب عليه السلام لبنيه " يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ " .
أي: احرصوا واجتهدوا على التفتيش عنهما " وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ " .
فإن الرجاء, يوجب للعبد, السعي والاجتهاد, فيما رجاه, والإياس: يوجب له التثاقل والتباطؤ.
وأولى ما رجا العباد, فضل الله وإحسانه, ورحمته, وروحه.
" إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " .
فإنهم - لكفرهم - يستبعدون رحمته, ورحمته بعيدة منهم, فلا تتشبهوا بالكافرين.
ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد, يكون رجاؤه رحمة الله وروحه.
أي: احرصوا واجتهدوا على التفتيش عنهما " وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ " .
فإن الرجاء, يوجب للعبد, السعي والاجتهاد, فيما رجاه, والإياس: يوجب له التثاقل والتباطؤ.
وأولى ما رجا العباد, فضل الله وإحسانه, ورحمته, وروحه.
" إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " .
فإنهم - لكفرهم - يستبعدون رحمته, ورحمته بعيدة منهم, فلا تتشبهوا بالكافرين.
ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد, يكون رجاؤه رحمة الله وروحه.
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ↓
فذهبوا " فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ " أي: على يوسف " قَالُوا " متضرعين إليه: " يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا " أي: قد اضطررنا نحن وأهلنا " وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ " أي: مدفوعة مرغوب عنها, لقلتها, وعدم وقوعها الموقع.
" فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ " أي: مع عدم وفاء العرض, وتصدق علينا بالزيادة عن الواجب.
" إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ " بثواب الدنيا والآخرة.
" فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ " أي: مع عدم وفاء العرض, وتصدق علينا بالزيادة عن الواجب.
" إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ " بثواب الدنيا والآخرة.
فلما انتهى الأمر, وبلغ أشده, رق لهم يوسف رقة شديدة, وعرفهم بنفسه, وعاتبهم فقال: " هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ " أما يوسف فظاهر فعلهم فيه.
وأما أخوه, فلعله - والله أعلم - قولهم: " إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ " .
أو أن الحادث الذي فرق بينه وبين أبيه, هم السبب فيه, والأصل الموجب له.
" إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ " وهذا نوع اعتذار لهم بجهلهم, أو توبيخ لهم إذ فعلوا فعل الجاهلين, مع أنه لا ينبغي, ولا يليق منهم.
وأما أخوه, فلعله - والله أعلم - قولهم: " إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ " .
أو أن الحادث الذي فرق بينه وبين أبيه, هم السبب فيه, والأصل الموجب له.
" إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ " وهذا نوع اعتذار لهم بجهلهم, أو توبيخ لهم إذ فعلوا فعل الجاهلين, مع أنه لا ينبغي, ولا يليق منهم.
قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنَّ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ↓
فعرفوا أن الذي خاطبهم, هو يوسف فقالوا: " أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا " بالإيمان والتقوى, والتمكين في الدنيا, وذلك بسبب الصبر والتقوى.
" إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ " أي: يتقي فعل ما حرم الله, ويصبر على الآلام والمصائب, وعلى الأوامر, بامتثالها " فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " فإن هذا, من الإحسان, والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
" إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ " أي: يتقي فعل ما حرم الله, ويصبر على الآلام والمصائب, وعلى الأوامر, بامتثالها " فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " فإن هذا, من الإحسان, والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.