الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَسورة الحجر الآية رقم 61
" فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ " لهم لوط " إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ " أي: لا أعرفكم ولا أدري من أنتم.
قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَسورة الحجر الآية رقم 62
أي: لا أعرفكم ولا أدري من أنتم.
قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَسورة الحجر الآية رقم 63
" قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ " أي: جئناك بعذابهم الذي كانوا يشكون فيه, ويكذبونك حين توعدهم به.
وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَسورة الحجر الآية رقم 64
" وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ " الذي ليس بالهزل " وَإِنَّا لَصَادِقُونَ " فيما قلنا لك.
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَسورة الحجر الآية رقم 65
" فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ " أي: في أثنائه حين تنام العيون, ولا يدري أحد عن مسراك.
" وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ " أي: بادروا وأسرعوا.
" وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ " كأن معهم دليلا يدلهم إلى أين يتوجهون.
وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَسورة الحجر الآية رقم 66
" وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ " أي: أخبرناه خبرا لا مثنوية فيه.
" أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ " أي: سيصبحهم العذاب الذي يجتاحهم ويستأصلهم.
وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَسورة الحجر الآية رقم 67
" وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ " أي: المدينة التي فيها قوم لوط " يَسْتَبْشِرُونَ " أي.
يبشر بعضهم بعضا, بأضياف لوط, وصباحة وجوههم واقتدارهم عليهم, وذلك لقصدهم فعل الفاحشة فيهم.
فجاءوا حتى وصلوا إلى بيت لوط, فجعلوا يعالجون لوطا على أضيافه, ولوط يستعيذ منهم ويقول:
قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِسورة الحجر الآية رقم 68
" إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِي وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي " أي: راقبوا الله أول ذلك, وإن كان ليس فيكم خوف من الله, فلا تفضحون في أضيافي, وتنتهكوا منهم حرمتهم بفعل الأمر الشنيع.
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِسورة الحجر الآية رقم 69
قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَسورة الحجر الآية رقم 70
و " قَالُوا " له جوابا عن قوله ولا تخزون فقط: " أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ " أن تضيفهم, فنحن قد أنذرناك, ومن أنذر فقد أعذر.
قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَسورة الحجر الآية رقم 71
" قَالَ " لهم لوط من شدة الأمر الذي أصابه: " هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ " .
فلم يبالوا بقوله, ولهذا قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَسورة الحجر الآية رقم 72
" لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ " وهذه السكرة, هي سكرة محبة الفاحشة, التي لا يبالون معها بعذل ولا لوم.
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَسورة الحجر الآية رقم 73
فلما بينت له الرسل حالهم, زال عن لوط ما كان يجده من الضيق والكرب.
فامتثل أمر ربه وسرى بأهله ليلا, فنجوا.
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍسورة الحجر الآية رقم 74
وأما أهل القرية " فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ " أي: وقت شروق الشمس, حيث كانت العقوبة عليهم أشد.
" فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا " أي: قلبنا عليهم مدينتهم.
" وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ " .
تتبع فيها من شذ من البلد.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَسورة الحجر الآية رقم 75
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ " أي: المتأملين المتفكرين, الذين لهم فكر وروية وفراسة, يفهمون بها ما أريد بذلك, من أن من تجرأ على معاصي الله, خصوصا هذه الفاحشة العظيمة, أن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات, كما تجرأوا على أشنع السيئات.
وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍسورة الحجر الآية رقم 76
" وَإِنَّهَا " أي: مدينة قوم لوط " لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ " للسالكين, يعرفه كل من تردد في تلك الديار " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ " .
وفي هذه القصة من العبر: عنايته تعالى بخليله إبراهيم.
فإن لوطا عليه السلام, من أتباعه, ومن آمن به فكأنه تلميذ له.
فحين أراد الله إهلاك قوم لوط, حين استحقوا ذلك, أمر رسله أن يمروا على إبراهيم عليه السلام, كي يبشروه بالولد, ويخبروه بما بعثوا له, حتى إنه جادلهم عليه السلام في إهلاكهم, حتى أقنعوه, فطابت نفسه.
وكذلك لوط عليه السلام, لما كانوا أهل وطنه, فربما أخذته الرقة عليهم والرأفة بهم, قدر الله من الأسباب, ما به يشتد غيظه وحنقه عليهم, حتى استبطأ إهلاكهم لما قيل له: " إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " .
ومنها: أن الله تعالى, إذا أراد أن يهلك قرية, زاد شرهم وطغيانهم.
فإذا انتهى, أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَسورة الحجر الآية رقم 77
وفي هذه القصة من العبر: عنايته تعالى بخليله إبراهيم.
فإن لوطا عليه السلام, من أتباعه, ومن آمن به فكأنه تلميذ له.
فحين أراد الله إهلاك قوم لوط, حين استحقوا ذلك, أمر رسله أن يمروا على إبراهيم عليه السلام, كي يبشروه بالولد, ويخبروه بما بعثوا له, حتى إنه جادلهم عليه السلام في إهلاكهم, حتى أقنعوه, فطابت نفسه.
وكذلك لوط عليه السلام, لما كانوا أهل وطنه, فربما أخذته الرقة عليهم والرأفة بهم, قدر الله من الأسباب, ما به يشتد غيظه وحنقه عليهم, حتى استبطأ إهلاكهم لما قيل له: " إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " .
ومنها: أن الله تعالى, إذا أراد أن يهلك قرية, زاد شرهم وطغيانهم.
فإذا انتهى, أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَسورة الحجر الآية رقم 78
وهؤلاء قوم شعيب, نعتهم الله وأضافهم إلى الأيكة, وهو: البستان كثير الأشجار, ليذكر نعمته عليهم, وأنهم ما قاموا بها, بل جاءهم نبيهم شعيب, فدعاهم إلى التوحيد, وترك ظلم الناس في المكاييل والموازين, وعاجلهم على ذلك على أشد المعالجة, فاستمروا على ظلمهم في حق الخالق, وفي حق الخلق, ولهذا, وصفهم, هنا, بالظلم.
فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍسورة الحجر الآية رقم 79
" فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ " فأخذهم عذاب يوم الظلة, إنه كان عذاب يوم عظيم.
" وَإِنَّهُمَا " أي: ديار قوم لوط, وأصحاب الأيكة " لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ " أي: لبطريق واضح, يمر بهم المسافرون كل وقت, فيبين من آثارهم ما هو مشاهد بالأبصار, فيعتبر بذلك أولوا الألباب.
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَسورة الحجر الآية رقم 80
يخبر تعالى عن أهل الحجر, وهم, قوم صالح, الذين كانوا يسكنون الحجر المعروف في أرض الحجاز, أنهم كذبوا المرسلين, أي: كذبوا صالحا.
ومن كذب رسولا, فقد كذب سائر الرسل, لاتفاق دعوتهم.
وليس تكذيب بعضهم لشخصه, بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل بالإتيان به.
" وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا " الدالة على صحة ما جاءهم به صالح من الحق, ومن جملتها: تلك الناقة, هي من آيات الله العظيمة.
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَسورة الحجر الآية رقم 81
" فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ " كبرا وتجبرا على الله.
وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَسورة الحجر الآية رقم 82
" وَكَانُوا " - من كثرة إنعام الله عليهم - " يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ " من المخاوف مطمئنين في ديارهم.
فلو شكروا النعمة, وصدقوا نبيهم صالحا, عليه السلام, لأدر الله عليهم الأرزاق, ولأكرمهم بأنواع من الثواب العاجل والآجل.
ولكنهم - لما كذبوا, وعقروا الناقة, وعتوا عن أمر ربهم, وقالوا: " يا صالح ائتنا بما تعدنا, إن كنت من الصادقين " .
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَسورة الحجر الآية رقم 83
فتقطعت قلوبهم في أجوافهم, وأصبحوا في دارهم جاثمين هلكى, مع ما يتبع ذلك, من الخزي واللعنة المستمرة.
فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَسورة الحجر الآية رقم 84
لأن أمر الله إذا جاء, لا يرده كثرة جنود, ولا قوة أنصار, ولا غزارة أموال.
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَسورة الحجر الآية رقم 85
أي: ما خلقناهما عبثا باطلا, كما يظن أعداء الله.
بل ما خلقناهما " إِلَّا بِالْحَقِّ " الذي منه, أن تكونا بما فيهما دالتين على كمال خالقهما, واقتداره, وسعة رحمته, وحكمته, وعلمه المحيط, وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له, وحده لا شريك له.
" وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ " لا ريب فيها, لأن خلق السماوات والأرض ابتداء, أكبر من خلق الناس مرة أخرى.
" فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ " وهو الصفح, الذي لا أذية فيه, بل قابل إساءة المسيء بالإحسان, وذنبه بالغفران, لتنال من ربك, جزيل الأجر والثواب, فإن كل ما هو آت فهو قريب.
وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا.
وهو: أن المأمور به, هو الصفح الجميل, أي: الحسن الذي قد سلم من الحقد, والأذية القولية والفعلية.
دون الصفح الذي ليس بجميل, وهو: الصفح في غير محله.
فلا, يصفح, حيث اقتضى المقام العقوبة, كعقوبة المعتدين الظالمين, الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة, وهذا هو المعنى.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُسورة الحجر الآية رقم 86
" إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ " لكل مخلوق " الْعَلِيمُ " بكل شيء, فلا يعجزه أحد من جميع ما أحاط به علمه, وجرى عليه خلقه, وذلك: سائر الموجودات.
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَسورة الحجر الآية رقم 87
يقول تعالى ممتنا على رسوله: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني " وهن - على الصحيح - السور السبع الطوال: " البقرة " " وآل عمران " , و " النساء " و " المائدة " و " الأنعام " و " الأعراف " و " الأنفال " مع " التوبة " .
أو أنها فاتحة الكتاب لأنها سبع آيات.
فيكون عطف " والقرآن العظيم " على ذلك, من باب عطف العام على الخاص, لكثرة ما في المثاني من التوحيد, وعلوم الغيب, والأحكام الجليلة, وتثنيها فيها.
وعلى القول, بأن " الفاتحة " هي السبع المثاني, معناها: أنها سبع آيات, تثنى في كل ركعة.
واذا كان الله قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني, كان قد أعطاه أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون, وأعظم ما فرح به المؤمنون.
" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " .
ولذلك قال بعده:
لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَسورة الحجر الآية رقم 88
" لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم " أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك, بشهوات الدنيا, التي تمتع بها المترفون, واغتر بها الجاهلون, واستغن بما آتاك الله, من المثاني والقرآن العظيم.
" ولا تحزن عليهم " فإنهم لا خير فيهم يرجى, ولا نفع يرتقب.
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُسورة الحجر الآية رقم 89
فلك في المؤمنين عنهم, أحسن البدل, وأفضل العوض.
" واخفض جناحك للمؤمنين " أي ألن لهم جانبك, وحسن لهم خلقك, محبة, وإكراما, وتوددا.
" وقل إني أنا النذير المبين " أي: قم بما عليك من النذارة, وأداء الرسالة, والتبليغ للقريب والبعيد, والعدو, والصديق.
فإنك إذا فعلت ذلك, فليس عليك من حسابهم من شيء, وما من حسابك عليهم من شيء.
كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَسورة الحجر الآية رقم 90
وقوله.
" كما أنزلنا على المقتسمين " أي.
كما أنزلنا العقوبة على بطلان ما جئت به, الساعين لصد الناس عن سبيل الله.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4