الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8
فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَسورة الشعراء الآية رقم 61
" فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ " أي رأى كل منهما صاحبه.
" قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى " شاكين لموسى وحزنين " إِنَّا لَمُدْرَكُونَ " .
فـ " قَالَ " موسى, مثبتا لهم, ومخبرا لهم بوعد ربه الصادق:
قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِسورة الشعراء الآية رقم 62
" كُلًّا " أي: ليس الأمر كما ذكرتم, أنكم مدركون.
" إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ " لما فيه نجاتي ونجاتكم.
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِسورة الشعراء الآية رقم 63
" فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ " فضربه " فَانْفَلَقَ " اثنى عشر طريقا " فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ " أي: الجبل " الْعَظِيمِ " فدخله موسى وقومه.
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَسورة الشعراء الآية رقم 64
" وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ " في ذلك المكان " الْآخَرِينَ " أي فرعون وقومه, وقربناهم, وأدخلناهم في ذلك الطريق, الذي سلك منه موسى وقومه.
وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَسورة الشعراء الآية رقم 65
" وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ " استكملوا خارجين, لم يتخلف منهم أحد.
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَسورة الشعراء الآية رقم 66
" ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ " لم يتخلف منهم عن الغرق أحد.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَسورة الشعراء الآية رقم 67
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " عظيمة, على صدق ما جاء به موسى عليه السلام, وبطلان ما عليه فرعون وقومه.
" وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " هذه الآيات, المقتضية للإيمان, لفساد قلوبهم.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُسورة الشعراء الآية رقم 68
" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " بعزته أهلك الكافرين المكذبين.
وبرحمته نجى موسى, ومن معه أجمعين.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَسورة الشعراء الآية رقم 69
أي: واتل يا محمد على الناس, نبأ إبراهيم الخليل, وخبره الجليل, في هذه الحالة بخصوصها, وإلا, فله أنباء كثيرة.
ولكن من أعجب أنبائه, وأفضلها, هذا النبأ المتضمن لرسالته, ودعوته قومه, ومحاجته إياهم, وإبطاله ما هم عليه, ولذلك قيده بالظرف فقال:
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَسورة الشعراء الآية رقم 70
" إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا " متبجحين بعبادتهم.
قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَسورة الشعراء الآية رقم 71
" نَعْبُدُ أَصْنَامًا " ننحتها ونعملها بأيدينا.
" فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ " أي مقيمين على عبادتها في كثير من أوقاتنا.
فقال لهم إبراهيم, مبينا عدم استحقاقها للعبادة:
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَسورة الشعراء الآية رقم 72
" هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ " .
فيستجيبون دعاءكم, ويفرجون كربكم, ويزيلون عنكم كل مكروه؟
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَسورة الشعراء الآية رقم 73
" أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ " فأقروا أن ذلك كله, غير موجود فيها, فلا تسمع دعاء, ولا تنفع, ولا تضر.
ولهذا لما كسرها قال: " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ " .
قالوا له: " لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ " أي: هذا أمر متقرر من حالها, لا يقبل الإشكال والشك.
قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَسورة الشعراء الآية رقم 74
فلجأوا إلى تقليد آبائهم الضالين, فقالوا: " بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ " .
فتبعناهم على ذلك, وسلكنا سبيلهم, وحافظنا على عاداتهم.
فقال لهم إبراهيم: أنتم وآباءكم, كلكم خصوم في الأمر, والكلام مع الجميع واحد.
قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَسورة الشعراء الآية رقم 75
" أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي " فليضروني بأدنى شيء من الضرر, وليكيدوني, فلا يقدرون.
أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَسورة الشعراء الآية رقم 76
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَسورة الشعراء الآية رقم 77
" إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ " هو المتفرد بنعمة الخلق, ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية.
ثم خصص منها بعض الضروريات فقال:
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِسورة الشعراء الآية رقم 78
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِسورة الشعراء الآية رقم 79
" وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ " .
فهذا هو وحده المنفرد بذلك, فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة, وتترك هذة الأصنام, التي لا تخلق, ولا تهتدي, ولا تمرض, ولا تشفي, ولا تطعم ولا تسقي, ولا تميت, ولا تحيي, ولا تنفع عابديها, بكشف الكروب, ولا مغفرة الذنوب.
فهذا دليل قاطع, وحجة باهرة, لا تقدرون أنتم وآبائكم على معارضتها.
فدل على اشتراككم في الضلال, وترككم طريق الهدى والرشد.
قال الله تعالى: " وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي " الآيات.
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِسورة الشعراء الآية رقم 80
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِسورة الشعراء الآية رقم 81
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِسورة الشعراء الآية رقم 82
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَسورة الشعراء الآية رقم 83
ثم دعا عليه السلام ربه فقال: " رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا " أي: علما كثيرا, أعرف به الأحكام, والحلال والحرام, وأحكم به بين الأنام.
" وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " من إخوانه الأنبياء والمرسلين.
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 84
" وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ " أي: اجعل لي ثناء صدق, مستمر إلى آخر الدهر.
فاستجاب الله دعاءه, فوهب له من العلم والحكم, ما كان به من أفضل المرسلين, وألحق بإخوانه المرسلين, وجعله محبوبا مقبولا, معظما مثنيا عليه, في جميع الملل, في كل الأوقات.
قال تعالى: " وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ " .
وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِسورة الشعراء الآية رقم 85
" وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ " أي: من أهل الجنة, التي يورثهم الله إياها.
فأجاب الله دعاءه, فرفع منزلته في جنات النعيم.
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَسورة الشعراء الآية رقم 86
" وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ " وهذا الدعاء, بسبب الوعد الذي قال لأبيه " سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا " .
قال تعالى: " وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ " .
وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَسورة الشعراء الآية رقم 87
" وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ " أي: بالتوبيخ على بعض الذنوب, والعقوبة عليها, والفضيحة.
يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَسورة الشعراء الآية رقم 88
بل أسعدني في ذلك اليوم الذي فيه " لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " فهذا الذي ينفعه عندك, وهذا الذي ينجو به من العقاب, ويستحق جزيل الثواب.
والقلب السليم, معناه: الذي سلم من الشرك والشك, ومحبة الشر, والإصرار على البدعة والذنوب.
ويلزم من سلامته مما ذكر, اتصافه بأضدادها, من الإخلاص, والعلم, واليقين, ومحبة الخير, وتزيينه في قلبه.
وأن تكون إرادته ومحبته, تابعه لمحبة الله, وهواه, تابعا لما جاء عن الله.
ثم ذكر من صفات ذلك اليوم العظيم, وما فيه من الثواب والعقاب فقال:
إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍسورة الشعراء الآية رقم 89
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَسورة الشعراء الآية رقم 90
" وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ " أي قربت " لِلْمُتَّقِينَ " ربهم, الذي امتثلو أوامره, واجتنبوا زواجره, واتقوا سخطه وعقابه.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8