ثم إنكم جميعا- أيها الناس, يوم القيامة عند ربكم تتنازعون, فيحكم بينكم بالعدل والإنصاف.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ↓
لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب: بأن نسب إليه ما لا يليق به كالشريك والولد, أو قال: أوحي إلي, ولم يوح إليه شيء, ولا أحد أظلم ممن كذب بالحق الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله, ولم يصدق محمدا صلى الله عليه وسلم؟ بلى.
أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله, ولم يصدق محمدا صلى الله عليه وسلم؟ بلى.
والذي جاء بالصدق في قوله وعمله من الأنبياء وأتباعهم, وصدق به إيمانا وعملا, أولئك هم الذين جمعوا خصال التقوى, وفي مقدمة هؤلاء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون به, العاملون بشريعته من الصحابة, رضي الله عنهم, فمن بعدهم إلى يوم الدين.
لهم ما يشاؤون عند ربهم من أصناف اللذات, المشتهيات؟ ذلك جزاء من أطاع ربه حق الطاعة, وعبده حق العبادة.
لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ↓
ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا في الدنيا من الأعمال؟ بسبب ما كان منهم من توبة وإنابة مما اجترحوا من السيئات فيها, ويثيبهم الله على طاعتهم في الدنيا بأحسن ما كانوا يعملون, وهو الجنة.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ↓
أليس الله بكاف عبده محمدا وعيد المشركين وكيدهم من أن ينالوه بسوء؟ بلى إنه سيكفيه في أمر دينه ودنياه, ويدفع عنه من أراده بسوء, ويخوفونك- يا محمد- بآلهتهم التي زعموا أنها ستؤذيك.
ومن يخذله الله فيضله عن طريق الحق, فما له من هاد يهديه إليه.
ومن يخذله الله فيضله عن طريق الحق, فما له من هاد يهديه إليه.
ومن يوفقه الله للإيمان به والعمل بكتابه واتباع رسوله فما له من مضل عن الحق الذي هو عليه أليس الله بعزيز في انتقامه من كفرة خلقه, وممن عصاه؟
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ↓
ولئن سألت- يا محمد- هؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله: من خلق هذه السموات والأرض؟ ليقولن: خلقهن الله, فهم يقرون بالخالق.
قل لهم, هل تستطيع هذه الآلهة التي تشركونها مع الله أن تبعد عني أذى قدره الله علي, أو تزيل مكروها لحق بي؟ وهل تستطيع أن تمنع نفعا يسره الله لي, أو تحبس رحمة الله عني؟ إنهم سيقولون : لا تستطيع ذلك.
قل لهم: حسبي الله وسيكفيني, كل ما أهمني عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم, فالذي بيده وحده الكفاية هو حبي, ريكفيني كل ما أمشي.
قل لهم, هل تستطيع هذه الآلهة التي تشركونها مع الله أن تبعد عني أذى قدره الله علي, أو تزيل مكروها لحق بي؟ وهل تستطيع أن تمنع نفعا يسره الله لي, أو تحبس رحمة الله عني؟ إنهم سيقولون : لا تستطيع ذلك.
قل لهم: حسبي الله وسيكفيني, كل ما أهمني عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم, فالذي بيده وحده الكفاية هو حبي, ريكفيني كل ما أمشي.
فل- يا محمد- لقومك المعاندين: اعملوا على حالتكم التي رضيتموها لأنفسكم, حيث عبدتم من لا يستحق العبادة, وليس له من الأمر شيء, إني عامل على ما أمرت به من التوجه لله وحده في أقوالي وأفعالي,
فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يهينه في الحياة الدنيا, ويحل عليه في الآخرة عذاب دائم؟ لا يحول عنه ولا يزول.
إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ↓
إنا أنزلنا عليك- يا محمد- القرآن بالحق هداية للعالمين, إلى طريق الرشاد, فمن اهتدى بنوره, وعمل بما فيه, واستقام على منهجه, فنفع ذلك يعود على نفسه, ومن ضل بعد ما تبين له الهدى, فإنما يعود ضرره على نفسه, ولن يضر الله شيئا, وما أنت- يا محمد- عليهم بوكيل تحفظ أعمالهم, وتحاسبهم عليها, وتجبرهم على ما تشاء, ما عليك إلا البلاغ.
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ↓
الله- سبحانه وتعالى- هو الذي يقبض الأنفس حين موتها, وهذه الوفاة الكبرى, وفاة الموت بانقضاء الأجل, ويقبض التي لم تمت في منامها, وهي الموتة الصغرى, فيحبس من هاتين النفسين النفس التي قضى عليها الموت, وهي نفس من مات, ويرسل النفس الأخرى إلى استكمال أجلها ورزقها, وذلك بإعادتها إلى جسم صاحبها, إن في قبض الله نفس الميت والنائم وإرساله نفس النائم, وحبسه نفس الميت لدلائل واضحة على قدرة الله لمن تفكر وتدبر.
أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ ↓
أم اتخذ هؤلاء المشركون بالله من دونه آلهتهم التي يعبدونها شفعاء, تشفع لهم عند الله في حاجاتهم؟ قل- يا محمد- لهم: اتتخذونها شفعاء كما تزعمون, ولو كانت الآلهة لا تملك شيئا, ولا تعقل عبادتهم لها؟
قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ↓
قل- يا محمد- لهؤلاء المشركين: لله الشفاعة جميعا, له ملك السموات والأرض وما فيهما, فالأمر كله لله وحده, ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه, فهو الذي يملك السموات والأرض ويتصرف فيهما, فالواجب أن تطلب الشفاعة ممن يملكها, وأن تخلص له العبادة, ولا تطلب من هذه الآلهة التي لا تضر ولا تنفع, ثم إليه ترجعون بعد مماتكم للحساب والجزاء.
وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ↓
وإذا ذكر الله وحده نفرت قلوب الذين لا يؤمنون بالمعاد والبعث بعد الممات, وإذا ذكر الذين من دونه من الأصنام والأوثان والأولياء إذا هم يفرحون؟ لكون الشرك موافقا لأهوائهم.
قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ↓
قل: اللهم يا خالق السموات والأرض ومبدعها على غير مال سبق, عالم السر والعلانية, أنت تفصل بين عبادك يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون من القول فيك, وفي عظمتك وسلطانك والإيمان بك وبرسولك, اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم وكان هذا من دعائه صلى الله عليه وسلم, وهو تعليم للعباد بالالتجاء إلى الله تعالى, ودعائه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ↓
ولو أن لهؤلاء المشركين بالله ما في الأرض جميعا من مال وذخائر, ومثله معه مضاعفا, لبذلوه يوم القيامة؟ ليقتدرا به من سوء العذاب, ولو بذلوا وافتدوا به ما قبل منهم, ولا أغنى عنهم من عذاب الله شيئا, وظهر لهم يومئذ من أمر الله وعذابه ما لم يكونوا يحتسبون في الدنيا أنه نازل بهم.
وظهر لهؤلاء المكذبين يوم الحساب جزاء سيئاتهم التي اقترفوها, حيث نسبوا إلى الله ما لا يليق به, وارتكبوا المعاصي في حياتهم, وأحاط بهم من كل جانب عذاب أليم؟ عقابا لهم على استهزائهم بالإنذار بالعذاب الذي كان الرسول يعذبهم به, ولا يأبهون له.
فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ↓
فاذا أصاب الإنسان شدة وضر, طلب من رده أن يفرج عنه, فإذا كشفنا عنه ما أصابه وأعطيناه نعمة منا عاد بربه كافرا, ولفضله منكرا, وقال: إن الذي أوتيته إنما هو على علم من الله أني له أهل ومستحق, بل ذلك فتنة يبتلي الله بها عباده؟ لينظر من يشكره ممن يكفره, ولكن أكثرهم- لجهلهم وسوء ظنهم وقولهم- لا يعلمون؟ فلذلك يحذون الفتنة منحة.
قد قال مقالتهم هذه من قبلهم من الأمم الخالية المكذبة؟ فما أغنى عنهم حين جاءهم العذاب ما كانوا يكسبونه من الأموال والأولاد.
فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ↓
فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال, فعوجلوا بالخزي في الحياة الدنيا, والذين ظلموا أنفسهم من قومك يا محمد, وقالوا هذه المقالة, يصيبهم أيضا وبال سيئات ما كسبوا, كما أصاب الذين من قبلهم, وما هم بفاتنين الله ولا سابقيه.
أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
أو لم يعلم هؤلاء أن رزق الله للإنسان لا يدل على حسن حال صاحبه, فإن الله لبالغ حكمته يوسع الرزق لمن يشاء من عباده, صالحا كان أو طالحا, ويضيقه على من يشاء منهم؟ إن في ذلك التوسع والتضييق في الرزق لدلالات واضحات لقوم يصدقون أمر الله ويعملون به.
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ↓
قل- يا محمد- لعبادي الذين تمادوا في المعاصي, وأصرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه من الذنوب: لا تيئسوا من رحمة الله؟ لكثرة ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت, إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم.
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ ↓
وارجعوا إلى ربكم- أيها الناس- بالطاعة والتوبة, واخضعوا له من قبل أن يقع بكم عقابه, ثم لا ينصركم أحد من دون الله.
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ↓
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم, وهو القرآن العظيم, وكله حسن, فامتثلوا أوامره, واجتنبوا نواهية من قبل أن يأتيكم العذاب فجأة, وأنتم لا تعلمون به.
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتىٰ عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ↑
وأطيعوا ربكم وتوبوا إليه حتى لا تندم نفس وتقول: يا حسرتى على ما ضيعت في الدنيا من العمل بما أمر الله به, وقصرت في طاعته وحقه, وإن كنت في الدنيا لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله والمؤمنين به.
أو تقول: لو أن الله أرشدني إلى دينه لكنت من المتقين الشرك والمعاصي.
أو تقول حين ترى عقاب الله قد أحاط بها يوم الحساب: ليت لي رجعة إلى الحياة الدنيا فأكون فيها من الذين أحسنوا بطاعة ربهم , والعمل بما أمرتهم به الرسل.
ما القول كما تقول, فد جاءتك آياتي الواضحة الدالة على الحق, فكذبت بها, واستكبرت عن قبولها واتباعها, وكنت من الكافرين بالله ورسله.
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ↓
ويوم القيامة ترى هؤلاء المكذبين الذين وصفوا ربهم بما لا يليق به, ونسبوا إليه الشريك والولد وجوههم مسودة.
أليس في جهنم مأوى ومسكن لمن تكبر على الله, فامتنع من توحيده وطاعته؟ بلى.
أليس في جهنم مأوى ومسكن لمن تكبر على الله, فامتنع من توحيده وطاعته؟ بلى.