قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ↓
يقول تعالى, لنبيه صلى الله عليه وسلم: " قُلْ " لهؤلاء الذين حرموا ما أحل الله.
" تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " تحريما عاما, شاملا لكل أحد, محتويا على سائر المحرمات, من المآكل, والمشارب, والأقوال, والأفعال.
" أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " أي: لا قليلا ولا كثيرا.
وحقيقة الشرك بالله: أن يعبد المخلوق, كما يعبد الله, أو يعظم كما يعظم الله, أو يصرف له نوع من خصائص الربوبية والإلهية.
وإذا ترك العبد الشرك كله, صار موحدا, مخلصا لله في جميع أحواله.
فهذا حق الله على عباده, أن يعبدوه, ولا يشركوا به شيئا.
ثم بدأ بآكد الحقوق بعد حقه فقال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " من الأقوال الكريمة الحسنة, والأفعال الجميلة المستحسنة.
فكل قول وفعل, يحصل به منفعة للوالدين, أو سرور لهما, فإن ذلك, من الإحسان, وإذا وجد الإحسان, انتفى العقوق.
" وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ " من ذكور وإناث " مِنْ إِمْلَاقٍ " أي: بسبب الفقر وضيقتكم من رزقهم, كما كان ذلك موجودا في الجاهلية القاسية الظالمة.
وإذا كانوا منهيين عن قتلهم في هذه الحال, وهم أولادهم, فنهيهم عن قتلهم, لغير موجب, أو قتل أولاد غيرهم, من باب أولى, وأحرى.
" نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " أي: قد تكفلنا برزق الجميع, فلستم الذين ترزقون أولادكم, بل ولا أنفسكم, فليس عليكم منهم ضيق.
" وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ " وهي الذنوب العظام المستفحشة.
" مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " أي: لا تقربوا الظاهر منها, والخفي, أو المتعلق منها بالظاهر, والمتعلق بالقلب والباطن.
والنهي عن قربان الفواحش, أبلغ من ن النهي عن مجرد فعلها, فإنه يتناول النهي عن مقدماتها, ووسائلها الموصلة إليها.
" وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ " وهي: النفس المسلمة, من ذكر, وأنثى, صغير, وكبير, بر, وفاجر, والكافرة التي قد عصمت, بالعهد والميثاق.
" إِلَّا بِالْحَقِّ " كالزاني المحصن, والنفس بالنفس, والتارك لدينه, المفارق للجماعة.
" ذَلِكُمْ " المذكور " وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " عن الله وصيته, ثم تحفظونها, ثم تراعونها, وتقومون بها.
ودلت الآية, على أنه بحسب عقل العبد, يكون قيامه بما أمر الله به.
" تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " تحريما عاما, شاملا لكل أحد, محتويا على سائر المحرمات, من المآكل, والمشارب, والأقوال, والأفعال.
" أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " أي: لا قليلا ولا كثيرا.
وحقيقة الشرك بالله: أن يعبد المخلوق, كما يعبد الله, أو يعظم كما يعظم الله, أو يصرف له نوع من خصائص الربوبية والإلهية.
وإذا ترك العبد الشرك كله, صار موحدا, مخلصا لله في جميع أحواله.
فهذا حق الله على عباده, أن يعبدوه, ولا يشركوا به شيئا.
ثم بدأ بآكد الحقوق بعد حقه فقال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " من الأقوال الكريمة الحسنة, والأفعال الجميلة المستحسنة.
فكل قول وفعل, يحصل به منفعة للوالدين, أو سرور لهما, فإن ذلك, من الإحسان, وإذا وجد الإحسان, انتفى العقوق.
" وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ " من ذكور وإناث " مِنْ إِمْلَاقٍ " أي: بسبب الفقر وضيقتكم من رزقهم, كما كان ذلك موجودا في الجاهلية القاسية الظالمة.
وإذا كانوا منهيين عن قتلهم في هذه الحال, وهم أولادهم, فنهيهم عن قتلهم, لغير موجب, أو قتل أولاد غيرهم, من باب أولى, وأحرى.
" نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " أي: قد تكفلنا برزق الجميع, فلستم الذين ترزقون أولادكم, بل ولا أنفسكم, فليس عليكم منهم ضيق.
" وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ " وهي الذنوب العظام المستفحشة.
" مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " أي: لا تقربوا الظاهر منها, والخفي, أو المتعلق منها بالظاهر, والمتعلق بالقلب والباطن.
والنهي عن قربان الفواحش, أبلغ من ن النهي عن مجرد فعلها, فإنه يتناول النهي عن مقدماتها, ووسائلها الموصلة إليها.
" وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ " وهي: النفس المسلمة, من ذكر, وأنثى, صغير, وكبير, بر, وفاجر, والكافرة التي قد عصمت, بالعهد والميثاق.
" إِلَّا بِالْحَقِّ " كالزاني المحصن, والنفس بالنفس, والتارك لدينه, المفارق للجماعة.
" ذَلِكُمْ " المذكور " وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " عن الله وصيته, ثم تحفظونها, ثم تراعونها, وتقومون بها.
ودلت الآية, على أنه بحسب عقل العبد, يكون قيامه بما أمر الله به.
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ↓
" وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ " بأكل, أو معاوضة على وجه المحاباة لأنفسكم, أو أخذ من غير سبب.
" إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " أي: إلا بالحال التي تصلح بها أموالهم, وينتفعون بها.
فدل هذا, على أنه لا يجوز قربانها, والتصرف بها, على وجه يضر اليتامى, أو على وجه لا مضرة فيه لا مصلحة.
" حَتَّى يَبْلُغَ " اليتيم " أَشُدَّهُ " أي: حتى يبلغ ويرشد, ويعرف التصرف.
فإذا بلغ أشده, أعطى, حينئذ, ماله, وتصرف فيه على نظره.
وفي هذا دلالة على أن اليتيم - قبل بلوغ الأشد - محجور عليه, وأن وليه, يتصرف في ماله بالأحظ, وأن هذا الحجر, ينتهي ببلوغ الأشد.
" وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ " أي: بالعدل, والوفاء التام.
فإذا اجتهدتم في ذلك, فإننا " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بقدر ما تسعه, ولا تضيق عنه.
فمن حرص على الإيفاء, في الكيل, والوزن, ثم حصل منه تقصير, لم يفرط فيه, ولم يعلمه, فإن الله غفور رحيم.
وبهذه الآية استدل الأصوليون, بأن الله لا يكلف أحدا, ما لا يطيق, وعلى أن من اتقى الله, فيما أمر, وفعل ما يمكنه من ذلك, فلا حرج عليه فيما سوى ذلك.
" وَإِذَا قُلْتُمْ " قولا تحكمون به بين الناس, وتفصلون بينهم الخطاب, وتتكلمون به على المقالات والأحوال " فَاعْدِلُوا " في قولكم, بمراعاة الصدق فيمن تحبون, ومن تكرهون والإنصاف, وعدم كتمان ما يلزم بيانه.
فإن الميل, على من تكره بالكلام فيه, أو في مقالته, من الظلم المحرم.
بل إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع, فالواجب عليه, أن يعطي كل ذي حق حقه, وأن يبين ما فيها, من الحق والباطل, ويعتبر قربها من الحق, وبعدها منه.
وذكر الفقهاء أن القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين في لحظة, ولفظة.
" وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا " وهذا يشمل العهد الذي عاهده عليه العباد, من القيام بحقوقه, والوفاء بها, ومن العهد الذي يقع التعاقد به بين الخلق.
فالجميع, يجب الوفاء به, ويحرم نقضه, والإخلال به.
" ذَلِكُمْ " الأحكام المذكورة " وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " ما بينه لكم من الأحكام, وتقومون بوصية الله لكم, حق القيام, وتعرفون ما فيها, من الحكم والأحكام.
" إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " أي: إلا بالحال التي تصلح بها أموالهم, وينتفعون بها.
فدل هذا, على أنه لا يجوز قربانها, والتصرف بها, على وجه يضر اليتامى, أو على وجه لا مضرة فيه لا مصلحة.
" حَتَّى يَبْلُغَ " اليتيم " أَشُدَّهُ " أي: حتى يبلغ ويرشد, ويعرف التصرف.
فإذا بلغ أشده, أعطى, حينئذ, ماله, وتصرف فيه على نظره.
وفي هذا دلالة على أن اليتيم - قبل بلوغ الأشد - محجور عليه, وأن وليه, يتصرف في ماله بالأحظ, وأن هذا الحجر, ينتهي ببلوغ الأشد.
" وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ " أي: بالعدل, والوفاء التام.
فإذا اجتهدتم في ذلك, فإننا " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بقدر ما تسعه, ولا تضيق عنه.
فمن حرص على الإيفاء, في الكيل, والوزن, ثم حصل منه تقصير, لم يفرط فيه, ولم يعلمه, فإن الله غفور رحيم.
وبهذه الآية استدل الأصوليون, بأن الله لا يكلف أحدا, ما لا يطيق, وعلى أن من اتقى الله, فيما أمر, وفعل ما يمكنه من ذلك, فلا حرج عليه فيما سوى ذلك.
" وَإِذَا قُلْتُمْ " قولا تحكمون به بين الناس, وتفصلون بينهم الخطاب, وتتكلمون به على المقالات والأحوال " فَاعْدِلُوا " في قولكم, بمراعاة الصدق فيمن تحبون, ومن تكرهون والإنصاف, وعدم كتمان ما يلزم بيانه.
فإن الميل, على من تكره بالكلام فيه, أو في مقالته, من الظلم المحرم.
بل إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع, فالواجب عليه, أن يعطي كل ذي حق حقه, وأن يبين ما فيها, من الحق والباطل, ويعتبر قربها من الحق, وبعدها منه.
وذكر الفقهاء أن القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين في لحظة, ولفظة.
" وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا " وهذا يشمل العهد الذي عاهده عليه العباد, من القيام بحقوقه, والوفاء بها, ومن العهد الذي يقع التعاقد به بين الخلق.
فالجميع, يجب الوفاء به, ويحرم نقضه, والإخلال به.
" ذَلِكُمْ " الأحكام المذكورة " وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " ما بينه لكم من الأحكام, وتقومون بوصية الله لكم, حق القيام, وتعرفون ما فيها, من الحكم والأحكام.
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ↓
ولما بين كثيرا من الأوامر الكبار, والشرائع المهمة, أشار إليها, وإلى ما هو أعم منها فقال: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا " أي: هذه الأحكام وما أشبهها, مما بينه الله في كتابه, ووضحه لعباده, صراط الله الموصل إليه, وإلى دار كرامته, المعتدل السهل المختصر.
" فَاتَّبِعُوهُ " لتنالوا الفوز والفلاح, وتدركوا الآمال والأفراح.
" وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ " أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق.
" فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ " أي: تضلكم عنه وتفرقكم, يمينا وشمالا.
فإذا ضللتم عن الصراط المستقيم, فليس ثم إلا طرق توصل إلى الجحيم.
" ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " , فإنكم إذا قمتم بما بينه الله لكم, علما وعملا, صرتم من المتقين, وعباد الله المفلحين.
ووحد الصراط, وأضاف إليه, لأنه سبيل واحد موصل إليه.
والله هو المعين للسالكين, على سلوكه.
" فَاتَّبِعُوهُ " لتنالوا الفوز والفلاح, وتدركوا الآمال والأفراح.
" وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ " أي: الطرق المخالفة لهذا الطريق.
" فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ " أي: تضلكم عنه وتفرقكم, يمينا وشمالا.
فإذا ضللتم عن الصراط المستقيم, فليس ثم إلا طرق توصل إلى الجحيم.
" ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " , فإنكم إذا قمتم بما بينه الله لكم, علما وعملا, صرتم من المتقين, وعباد الله المفلحين.
ووحد الصراط, وأضاف إليه, لأنه سبيل واحد موصل إليه.
والله هو المعين للسالكين, على سلوكه.
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ↓
" ثُمَّ " في هذا الموضع, ليس المراد منها الترتيب الزماني, فإن زمن موسى عليه السلام, متقدم على تلاوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب, وإنما المراد, الترتيب الإخباري.
فأخبر أنه آتى " مُوسَى الْكِتَابَ " وهو: التوراة " تَمَامًا " لنعمته, وكمالا لإحسانه.
" عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ " من أمة موسى, فإن الله أنعم على المحسنين منهم, بنعم لا تحصى.
من جملتها وتمامها, إنزال التوراة عليهم.
فتمت عليهم نعمة الله, ووجب عليهم القيام بشكرها.
" وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ " يحتاجون إلى تفصيله, من الحلال, والحرام, والأمر, والنهي, والعقائد ونحوها.
" وَهُدًى وَرَحْمَةً " أي: يهديهم إلى الخير, ويعرفهم بالشر, في الأصول, والفروع.
" وَرَحْمَةٌ " يحصل لهم بها, السعادة والرحمة, والخير الكثير.
" لَعَلَّهُمْ " بسبب إنزالنا الكتاب والبينات عليهم.
" بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ " فإنه اشتمل من الأدلة القاطعة, على البعث, والجزاء بالأعمال, وما يوجب لهم الإيمان, بلقاء ربهم, والاستعداد له.
فأخبر أنه آتى " مُوسَى الْكِتَابَ " وهو: التوراة " تَمَامًا " لنعمته, وكمالا لإحسانه.
" عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ " من أمة موسى, فإن الله أنعم على المحسنين منهم, بنعم لا تحصى.
من جملتها وتمامها, إنزال التوراة عليهم.
فتمت عليهم نعمة الله, ووجب عليهم القيام بشكرها.
" وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ " يحتاجون إلى تفصيله, من الحلال, والحرام, والأمر, والنهي, والعقائد ونحوها.
" وَهُدًى وَرَحْمَةً " أي: يهديهم إلى الخير, ويعرفهم بالشر, في الأصول, والفروع.
" وَرَحْمَةٌ " يحصل لهم بها, السعادة والرحمة, والخير الكثير.
" لَعَلَّهُمْ " بسبب إنزالنا الكتاب والبينات عليهم.
" بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ " فإنه اشتمل من الأدلة القاطعة, على البعث, والجزاء بالأعمال, وما يوجب لهم الإيمان, بلقاء ربهم, والاستعداد له.
" وَهَذَا " القرآن العظيم, والذكر الحكيم.
" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ " أي: فيه الخير الكثير, والعلم الغزير.
وهو الذي تستمد منه سائر العلوم, وتستخرج منه البركات.
فما من خير, إلا وقد دعا إليه, ورغب فيه, وذكر الحكم والمصالح, التي تحث عليه.
وما من شر, إلا وقد نهى عنه: وحذر منه, وذكر الأسباب المنفرة عن فعله, وعواقبها الوخيمة.
" فَاتَّبِعُوهُ " فيما يأمر به, وينهى, وابنوا أصول دينكم, وفروعه عليه.
" وَاتَّقُوا " الله تعالى أن تخالفوا له أمرا " لَعَلَّكُمْ " إن اتبعتموه " تُرْحَمُونَ " .
فأكبر سبب لنيل رحمة الله, اتباع هذا الكتاب, علما وعملا.
" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ " أي: فيه الخير الكثير, والعلم الغزير.
وهو الذي تستمد منه سائر العلوم, وتستخرج منه البركات.
فما من خير, إلا وقد دعا إليه, ورغب فيه, وذكر الحكم والمصالح, التي تحث عليه.
وما من شر, إلا وقد نهى عنه: وحذر منه, وذكر الأسباب المنفرة عن فعله, وعواقبها الوخيمة.
" فَاتَّبِعُوهُ " فيما يأمر به, وينهى, وابنوا أصول دينكم, وفروعه عليه.
" وَاتَّقُوا " الله تعالى أن تخالفوا له أمرا " لَعَلَّكُمْ " إن اتبعتموه " تُرْحَمُونَ " .
فأكبر سبب لنيل رحمة الله, اتباع هذا الكتاب, علما وعملا.
أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ↓
" أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ " .
أي: أنزلنا إليكم هذا الكتاب المبارك, قطعا لحجتكم, وخشية أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا, أي: اليهود والنصارى.
" وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ " أي: تقولون لم تنزل علينا كتابا والكتب, التي أنزلتها على الطائفتين, ليس لنا بها علم ولا معرفة.
فأنزلنا إليكم كتابا, لم ينزل من السماء كتاب, أجمع, ولا أوضح, ولا أبين, منه.
أي: أنزلنا إليكم هذا الكتاب المبارك, قطعا لحجتكم, وخشية أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا, أي: اليهود والنصارى.
" وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ " أي: تقولون لم تنزل علينا كتابا والكتب, التي أنزلتها على الطائفتين, ليس لنا بها علم ولا معرفة.
فأنزلنا إليكم كتابا, لم ينزل من السماء كتاب, أجمع, ولا أوضح, ولا أبين, منه.
أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ ↓
" أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ " .
أي: إما أن تعتذروا بعدم وصول أصل الهداية إليكم وإما أن تعتذروا, بعدم كمالها وتمامها, فحصل لكم بكتابكم, أصل الهداية وكمالها.
ولهذا قال: " فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ " وهذا اسم جنس, يدخل فيه كل ما يبين الحق.
" وَهُدًى " من الضلالة " وَرَحْمَةٌ " أي: سعادة لكم في دينكم ودنياكم.
فهذا يوجب لكم الانقياد لأحكامه, والإيمان بأخباره, وأن من لم يرفع به رأسا, وكذب به, فإنه أظلم الظالمين, ولهذا قال: " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا " أي: أعرض ونأى بجانبه.
" سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ " الذي يسوء صاحبه, ويشق عليه.
" بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ " لأنفسهم ولغيرهم, جزاء لهم, على عملهم السيئ " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
وفي هذه الآيات, دليل على أن علم القرآن, أجل العلوم وأبركها, وأوسعها, وأنه به, تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم, هداية تامة, لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلفين, ولا إلى أفكار المتفلسفين, ولا لغير ذلك, من علوم الأولين والآخرين.
وأن المعروف, أنه لم ينزل جنس الكتاب, إلا على الطائفتين, من اليهود والنصارى.
فهم أهل الكتاب عند الإطلاق, لا يدخل فيهم سائر الطوائف.
لا المجوس, ولا غيرهم.
وفيه: ما كان عليه الجاهلية, قبل نزول القرآن, من الجهل العظيم, وعدم العلم بما عند أهل الكتاب, الذين عندهم, مادة العلم, وغفلتهم عن دراسة كتبهم.
أي: إما أن تعتذروا بعدم وصول أصل الهداية إليكم وإما أن تعتذروا, بعدم كمالها وتمامها, فحصل لكم بكتابكم, أصل الهداية وكمالها.
ولهذا قال: " فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ " وهذا اسم جنس, يدخل فيه كل ما يبين الحق.
" وَهُدًى " من الضلالة " وَرَحْمَةٌ " أي: سعادة لكم في دينكم ودنياكم.
فهذا يوجب لكم الانقياد لأحكامه, والإيمان بأخباره, وأن من لم يرفع به رأسا, وكذب به, فإنه أظلم الظالمين, ولهذا قال: " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا " أي: أعرض ونأى بجانبه.
" سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ " الذي يسوء صاحبه, ويشق عليه.
" بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ " لأنفسهم ولغيرهم, جزاء لهم, على عملهم السيئ " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
وفي هذه الآيات, دليل على أن علم القرآن, أجل العلوم وأبركها, وأوسعها, وأنه به, تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم, هداية تامة, لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلفين, ولا إلى أفكار المتفلسفين, ولا لغير ذلك, من علوم الأولين والآخرين.
وأن المعروف, أنه لم ينزل جنس الكتاب, إلا على الطائفتين, من اليهود والنصارى.
فهم أهل الكتاب عند الإطلاق, لا يدخل فيهم سائر الطوائف.
لا المجوس, ولا غيرهم.
وفيه: ما كان عليه الجاهلية, قبل نزول القرآن, من الجهل العظيم, وعدم العلم بما عند أهل الكتاب, الذين عندهم, مادة العلم, وغفلتهم عن دراسة كتبهم.
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ↑
يقول تعالى: هل ينظر هؤلاء الذين استمر ظلمهم وعنادهم.
" إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ " مقدمات العذاب, ومقدمات الآخرة, بأن تأتيهم " الْمَلَائِكَةِ " لقبض أرواحهم.
فإنهم إذا وصلوا إلى تلك الحال, لم ينفعهم الإيمان, ولا صالح الأعمال.
" أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ " لفصل القضاء بين العباد, ومجازاة المحسنين والمسيئين.
" أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " الدالة على قرب الساعة.
" يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " الخارقة للعادة, التي يعلم بها أن الساعة قد دنت, وأن القيامة قد اقتربت.
" لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " .
أي: إذا وجد بعض آيات الله, لم ينفع الكافر إيمانه أن آمن, ولا المؤمن المقصر أن يزداد خيره بعد ذلك.
بل ينفعه ما كان معه من الإيمان قبل ذلك وما كان له من الخير الموجود, قبل أن يأتي بعض الآيات.
والحكمة في هذا, ظاهرة, فإنه إنما كان الإيمان ينفع, إذا كان إيمانا بالغيب, وكان اختيارا من العبد.
فأما إذا وجدت الآيات, صار الأمر شهادة, ولم يبق للإيمان فائدة, لأنه يشبه الإيمان الضروري, كإيمان الغريق, والحريق ونحوهما, ممن إذا رأى الموت, أقلع عما هو فيه, كما قال تعالى: " فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " .
وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, أن المراد ببعض آيات الله, طلوع الشمس من مغربها, وأن الناس إذا رأوها, آمنوا, فلم ينفعهم إيمانهم, ويغلق حينئذ, باب التوبة.
ولما كان هذا وعيدا للمكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم, منتظرا, وهم ينتظرون بالنبي صلى الله عليه وسلم, وأتباعه قوارع الدهر ومصائب الأمور قال " قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ " فستعلمون أينا أحق بالأمن.
وفي هذه الآية, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, في إثبات الأفعال الاختيارية لله تعالى, كالاستواء, والنزول, والإتيان لله, تبارك وتعالى من غير تشبيه له, بصفات المخلوقين.
وفي الكتاب والسنة, من هذا, شيء كثير.
وفيه أن من جملة أشراط الساعة, طلوع الشمس من مغربها.
وأن الله تعالى حكيم, قد جرت عادته وسنته, أن الإيمان إنما ينفع إذا كان اختياريا لا اضطراريا, كما تقدم وأن الإنسان يكتسب الخير بإيمانه.
فالطاعة والبر والتقوى إنما تنفع وتنمو, إذا كان مع العبد إيمان.
فإذا خلا القلب من الإيمان لم ينفعه شيء من ذلك.
" إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ " مقدمات العذاب, ومقدمات الآخرة, بأن تأتيهم " الْمَلَائِكَةِ " لقبض أرواحهم.
فإنهم إذا وصلوا إلى تلك الحال, لم ينفعهم الإيمان, ولا صالح الأعمال.
" أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ " لفصل القضاء بين العباد, ومجازاة المحسنين والمسيئين.
" أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " الدالة على قرب الساعة.
" يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " الخارقة للعادة, التي يعلم بها أن الساعة قد دنت, وأن القيامة قد اقتربت.
" لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " .
أي: إذا وجد بعض آيات الله, لم ينفع الكافر إيمانه أن آمن, ولا المؤمن المقصر أن يزداد خيره بعد ذلك.
بل ينفعه ما كان معه من الإيمان قبل ذلك وما كان له من الخير الموجود, قبل أن يأتي بعض الآيات.
والحكمة في هذا, ظاهرة, فإنه إنما كان الإيمان ينفع, إذا كان إيمانا بالغيب, وكان اختيارا من العبد.
فأما إذا وجدت الآيات, صار الأمر شهادة, ولم يبق للإيمان فائدة, لأنه يشبه الإيمان الضروري, كإيمان الغريق, والحريق ونحوهما, ممن إذا رأى الموت, أقلع عما هو فيه, كما قال تعالى: " فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " .
وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, أن المراد ببعض آيات الله, طلوع الشمس من مغربها, وأن الناس إذا رأوها, آمنوا, فلم ينفعهم إيمانهم, ويغلق حينئذ, باب التوبة.
ولما كان هذا وعيدا للمكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم, منتظرا, وهم ينتظرون بالنبي صلى الله عليه وسلم, وأتباعه قوارع الدهر ومصائب الأمور قال " قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ " فستعلمون أينا أحق بالأمن.
وفي هذه الآية, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, في إثبات الأفعال الاختيارية لله تعالى, كالاستواء, والنزول, والإتيان لله, تبارك وتعالى من غير تشبيه له, بصفات المخلوقين.
وفي الكتاب والسنة, من هذا, شيء كثير.
وفيه أن من جملة أشراط الساعة, طلوع الشمس من مغربها.
وأن الله تعالى حكيم, قد جرت عادته وسنته, أن الإيمان إنما ينفع إذا كان اختياريا لا اضطراريا, كما تقدم وأن الإنسان يكتسب الخير بإيمانه.
فالطاعة والبر والتقوى إنما تنفع وتنمو, إذا كان مع العبد إيمان.
فإذا خلا القلب من الإيمان لم ينفعه شيء من ذلك.
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ↓
يتوعد تعالى, الذين فرقوا دينهم, أي: شتتوه وتفرقوا فيه, وكل أخذ لنفسه نصيبا من الأسماء, التي لا تفيد الإنسان في دينه شيئا, كاليهودية والنصرانية, والمجوسية.
أو لا يكمل بها إيمانه, بأن يأخذ من الشريعة شيئا, ويجعله دينه, ويدع مثله.
أو ما هو أولى منه, كما هو حال أهل الفرقة, من أهل البدع والضلال والمفرقين للأمة.
ودلت الآية الكريمة أن الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف, وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل الدين, وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية.
وأمره أن يتبرأ ممن فرقوا دينهم فقال: " لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ " أي لست منهم, وليسوا منك, لأنهم خالفوك وعاندوك.
" إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ " يردون إليه, فيجازيهم بأعمالهم " ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " .
أو لا يكمل بها إيمانه, بأن يأخذ من الشريعة شيئا, ويجعله دينه, ويدع مثله.
أو ما هو أولى منه, كما هو حال أهل الفرقة, من أهل البدع والضلال والمفرقين للأمة.
ودلت الآية الكريمة أن الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف, وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل الدين, وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية.
وأمره أن يتبرأ ممن فرقوا دينهم فقال: " لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ " أي لست منهم, وليسوا منك, لأنهم خالفوك وعاندوك.
" إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ " يردون إليه, فيجازيهم بأعمالهم " ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " .
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ↓
ثم ذكر صفة الجزاء فقال: " مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ " القولية والفعلية, الظاهرة, والباطنة, المتعلقة بحق الله, أو حق خلقه.
" فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " هذا أقل ما يكون من التضعيف.
" وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا " وهذا من تمام عدله تعالى وإحسانه, وأنه لا يظلم مثقال ذرة, ولهذا قال: " وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " .
" فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " هذا أقل ما يكون من التضعيف.
" وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا " وهذا من تمام عدله تعالى وإحسانه, وأنه لا يظلم مثقال ذرة, ولهذا قال: " وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " .
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ↓
يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم, أن يقول ويعلن, بما هو عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم: الدين المعتدل المتضمن للعقائد النافعة, والأعمال الصالحة, والأمر بكل حسن, والنهي عن كل قبيح, الذي عليه الأنبياء والمرسلين, خصوصا أمام الحنفاء, ووالد من بعث من بعد موته, من الأنبياء, خليل الرحمن, إبراهيم عليه الصلاة والسلام, وهو الدين الحنيف, المائل عن كل دين غير مستقيم, من أديان أهل الانحراف, كاليهود, والنصارى, والمشركين.
وهذا عموم, ثم خصص من ذلك أشرف العبادات فقال:
وهذا عموم, ثم خصص من ذلك أشرف العبادات فقال:
" قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي " أي: ذبحي, وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما, ودلالتهما على محبة الله تعالى, وإخلاص الدين له, والتقرب إليه بالقلب واللسان, والجوارح, وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس, من المال, لما هو أحب إليها, وهو الله تعالى.
ومن أخلص في صلاته ونسكه, استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله: " وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي " أي: ما آتيه في حياتي, وما يجزيه الله علي, وما يقدر علي في مماتي.
الجميع " لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
ومن أخلص في صلاته ونسكه, استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله: " وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي " أي: ما آتيه في حياتي, وما يجزيه الله علي, وما يقدر علي في مماتي.
الجميع " لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "
" لَا شَرِيكَ لَهُ " في العبادة, كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير.
ليس هذا الإخلاص لله, ابتداعا مني وبدعا أتيته من تلقاء نفسي.
بل " وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ " أمرا حتما, لا أخرج من التبعة, إلا بامتثاله " وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " من هذه الأمة.
ليس هذا الإخلاص لله, ابتداعا مني وبدعا أتيته من تلقاء نفسي.
بل " وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ " أمرا حتما, لا أخرج من التبعة, إلا بامتثاله " وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " من هذه الأمة.
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ↓
" قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ " من المخلوقين " أَبْغِي رَبًّا " أي: يحسن ذلك ويليق بي, أن أتخذ غيره, مربيا ومدبرا والله رب كل شيء, فالخلق كلهم داخلون تحت ربوبيته, منقادون لأمره؟!!.
فتعين علي وعلى غيري, أن يتخذ الله ربا, ويرضى به, ولا يتعلق بأحد من المربوبين الفقراء العاجزين.
ثم رغب ورهب بذلك الجزاء فقال: " وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ " من خير وشر " إِلَّا عَلَيْهَا " كما قال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا " .
" وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " بل كل عليه وزر نفسه.
وإن كان أحد قد تسبب في ضلال غيره ووزره, فإنه عليه وزر التسبب من غير أن ينقص من وزر المباشر شيء.
" ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ " يوم القيامة " فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " من خير وشر, ويجازيكم على ذلك, أوفى الجزاء.
فتعين علي وعلى غيري, أن يتخذ الله ربا, ويرضى به, ولا يتعلق بأحد من المربوبين الفقراء العاجزين.
ثم رغب ورهب بذلك الجزاء فقال: " وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ " من خير وشر " إِلَّا عَلَيْهَا " كما قال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا " .
" وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " بل كل عليه وزر نفسه.
وإن كان أحد قد تسبب في ضلال غيره ووزره, فإنه عليه وزر التسبب من غير أن ينقص من وزر المباشر شيء.
" ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ " يوم القيامة " فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " من خير وشر, ويجازيكم على ذلك, أوفى الجزاء.
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓
" وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ " أي: يخلف بعضكم بعضا, واستخلفكم الله في الأرض, وسخر لكم جميع ما فيها, وابتلاكم, لينظر كيف تعملون.
" وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ " في القوة والعافية, والرزق, والخلق والخلق.
" لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ " فتفاوتت أعمالكم.
" إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ " لمن عصاه وكذب بآياته.
" وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " لمن آمن به, وعمل صالحا, وتاب من الموبقات.
آخر تفسير سورة الأنعام, وبه تم الجزء الثاني من (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان), فلله الحمد والثناء.
" وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ " في القوة والعافية, والرزق, والخلق والخلق.
" لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ " فتفاوتت أعمالكم.
" إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ " لمن عصاه وكذب بآياته.
" وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " لمن آمن به, وعمل صالحا, وتاب من الموبقات.
آخر تفسير سورة الأنعام, وبه تم الجزء الثاني من (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان), فلله الحمد والثناء.