" فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ " أي: الزلزلة الشديدة " فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ " أي: صرعى ميتين, هامدين.
الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ ↓
قال تعالى ناعيا حالهم " الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا " أي: كأنهم ما أقاموا في ديارهم, وكأنهم ما تمتعوا في عرصاتها, ولا تفيئوا في ظلالها, ولا غنوا في مسارح أنهارها, ولا أكلوا من ثمار أشجارها.
فأخذهم العذاب, فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللذات, إلى مستقر الحزن والشقاء, والعقاب; والدركات, ولهذا قال: " الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ " أي: الخسار محصور فيهم لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة, وذلك هو الخسران المبين, لا من قالوا لهم: " لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ " .
فأخذهم العذاب, فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللذات, إلى مستقر الحزن والشقاء, والعقاب; والدركات, ولهذا قال: " الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ " أي: الخسار محصور فيهم لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة, وذلك هو الخسران المبين, لا من قالوا لهم: " لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ " .
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ↓
فحين هلكوا, تولى عنهم نبيهم, عليه الصلاة والسلام " وَقَالَ " معاتبا وموبخا ومخاطبا لهم بعد موتهم: " يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي " أي: أوصلتها إليكم, وبينتها حتى بلغت منكم, أقصى ما يمكن أن تصل إليه, وخالطت أفئدتكم " وَنَصَحْتُ لَكُمْ " فلم تقبلوا نصحي, ولا انقدتم لإرشادي, بل فسقتم وطغيتم.
" فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ " أي: فكيف أحزن على قوم, لا خير فيهم, أتاهم الخير فردوه, ولم يقبلوه, ولا يليق بهم إلا الشر.
فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم, بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم.
فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة, وأي شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم؟!!.
" فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ " أي: فكيف أحزن على قوم, لا خير فيهم, أتاهم الخير فردوه, ولم يقبلوه, ولا يليق بهم إلا الشر.
فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم, بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم.
فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة, وأي شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم؟!!.
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ↓
يقول تعالى: " وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ " يدعوهم إلى عبادة اللّه, وينهاهم عن ما هم فيه من الشر, فلم ينقادوا له: " إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا " أي: ابتلاهم اللّه " بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ " أي: بالفقر, والمرض, وأنواع البلايا.
" لَعَلَّهُمْ " إذا أصابتهم, خضعت نفوسهم " لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ " إلى اللّه, ويستكينون للحق.
" لَعَلَّهُمْ " إذا أصابتهم, خضعت نفوسهم " لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ " إلى اللّه, ويستكينون للحق.
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ↓
" ثُمَّ " إذا لم يفد فيهم, واستمر استكبارهم, وازداد طغيانهم.
" بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ " فَأدَرَّ عليهم الأرزاق, وعافى أبدانهم, ورفع عنهم البلايا.
" حَتَّى عَفَوْا " أي: كثروا, وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة اللّه وفضله, ونسوا ما مر عليهم من البلايا.
" وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ " أي: هذه عادة جارية, لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين, تارة يكونون في سراء وتارة في ضراء, وتارة في فرح, ومرة في ترح, على حسب تقلبات الزمان, وتداول الأيام.
وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير, ولا للاستدراج والنكير.
حتى إذا اغتبطوا, وفرحوا بما أوتوا, وكانت الدنيا, أسر ما كانت إليهم.
" فَأَخَذْنَاهُمْ " بالعذاب " بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " أي: لا يخطر لهم الهلاك على بال وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم اللّه, وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه.
" بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ " فَأدَرَّ عليهم الأرزاق, وعافى أبدانهم, ورفع عنهم البلايا.
" حَتَّى عَفَوْا " أي: كثروا, وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة اللّه وفضله, ونسوا ما مر عليهم من البلايا.
" وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ " أي: هذه عادة جارية, لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين, تارة يكونون في سراء وتارة في ضراء, وتارة في فرح, ومرة في ترح, على حسب تقلبات الزمان, وتداول الأيام.
وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير, ولا للاستدراج والنكير.
حتى إذا اغتبطوا, وفرحوا بما أوتوا, وكانت الدنيا, أسر ما كانت إليهم.
" فَأَخَذْنَاهُمْ " بالعذاب " بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " أي: لا يخطر لهم الهلاك على بال وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم اللّه, وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه.
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ↓
لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل, يبتلون بالضراء, موعظة وإنذارا وبالسراء, استدراجا ومكرا, ذكر أن أهل القرى, لو آمنوا بقلوبهم, إيمانا صادقا, صدقته الأعمال, واستعملوا تقوى اللّه تعالى, ظاهرا وباطنا, بترك جميع ما حرم اللّه - لفتح عليهم بركات من السماء والأرض.
فأرسل السماء عليهم مدرارا, وأنبت لهم من الأرض, ما به يعيشون, وتعيش بهائمهم, في أخصب عيش, وأغزر رزق, من غير عناء ولا تعب, ولا كد ولا نصب.
ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا " فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " بالعقوبات والبلايا, ونزع البركات, وكثرة الآفات, وهي بعض جزاء أعمالهم.
وإلا, فلو آخذهم بجميع ما كسبوا, ما ترك على ظهرها من دابة.
" ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " .
فأرسل السماء عليهم مدرارا, وأنبت لهم من الأرض, ما به يعيشون, وتعيش بهائمهم, في أخصب عيش, وأغزر رزق, من غير عناء ولا تعب, ولا كد ولا نصب.
ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا " فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " بالعقوبات والبلايا, ونزع البركات, وكثرة الآفات, وهي بعض جزاء أعمالهم.
وإلا, فلو آخذهم بجميع ما كسبوا, ما ترك على ظهرها من دابة.
" ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " .
" أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى " أي: المكذبة, بقرينة السياق " أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا " أي: عذابنا الشديد " بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ " أي: في غفلتهم, وغرتهم, وراحتهم.
" أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ " أي: أي شيء يؤمنهم من ذلك, وهم قد فعلوا أسبابه, وارتكبوا من الجرائم العظيمة, ما يوجب بعضه, الهلاك؟!.
" أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ " حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون, ويملي لهم, إن كيده متين.
" فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " فإن من أمن من عذاب اللّه, فإنه لم يصدق بالجزاء على الأعمال, ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان.
وهذه الآية الكريمة, فيها من التخويف البليغ, على أن العبد, لا ينبغي له أن يكون آمنا, على ما معه من الإيمان.
بل لا يزال خائفا وجلا, أن يبتلى ببلية, تسلب ما معه من الإيمان, وأن لا يزال داعيا بقوله: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .
وأن يعمل ويسعى, في كل سبب يخلصه من الشر, عند وقوع الفتن, فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.
" فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " فإن من أمن من عذاب اللّه, فإنه لم يصدق بالجزاء على الأعمال, ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان.
وهذه الآية الكريمة, فيها من التخويف البليغ, على أن العبد, لا ينبغي له أن يكون آمنا, على ما معه من الإيمان.
بل لا يزال خائفا وجلا, أن يبتلى ببلية, تسلب ما معه من الإيمان, وأن لا يزال داعيا بقوله: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .
وأن يعمل ويسعى, في كل سبب يخلصه من الشر, عند وقوع الفتن, فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ↓
يقول تعالى - منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين " أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ " أي أو لم يتبين ويتضح, للأمم الذين ورثوا الأرض, بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم, ثم عملوا كأعمال أولئك المهلكين؟.
أو لم يهتدوا أن اللّه, لو شاء لأصابهم بذنوبهم, فإن هذه سنة في الأولين والآخرين.
وقوله: " وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ " أي: إذا نبههم اللّه, فلم ينتبهوا, وذكرهم, فلم يتذكروا, وهداهم بالآيات والعبر, فلم يهتدوا, فإن اللّه تعالى يعاقبهم, ويطبع على قلوبهم, فيعلوها الران والدنس, حتى يختم عليها, فلا يدخلها حق, ولا يصل إليها خير, ولا يسمعون ما ينفعهم, وإنما يسمعون, ما به تقوم الحجة عليهم.
أو لم يهتدوا أن اللّه, لو شاء لأصابهم بذنوبهم, فإن هذه سنة في الأولين والآخرين.
وقوله: " وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ " أي: إذا نبههم اللّه, فلم ينتبهوا, وذكرهم, فلم يتذكروا, وهداهم بالآيات والعبر, فلم يهتدوا, فإن اللّه تعالى يعاقبهم, ويطبع على قلوبهم, فيعلوها الران والدنس, حتى يختم عليها, فلا يدخلها حق, ولا يصل إليها خير, ولا يسمعون ما ينفعهم, وإنما يسمعون, ما به تقوم الحجة عليهم.
تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ↓
" تِلْكَ الْقُرَى " الذين تقدم ذكرهم " نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا " ما يحصل به عبرة للمعتبرين, وازدجار للظالمين.
وموعظة للمتقين.
" وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ " أي: جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم, تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم, وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة, والبينات المبينات للحق, بيانا كاملا, ولكنهم لم يفدهم هذا, ولا أغنى عنهم شيئا.
" فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ " أي: بسبب تكذيبهم, وردهم الحق أول مرة.
ما كان يهديهم للإيمان, جزاء لهم على ردهم الحق, كما قال تعالى " وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " .
" كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ " عقوبة منه.
وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم.
وموعظة للمتقين.
" وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ " أي: جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم, تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم, وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة, والبينات المبينات للحق, بيانا كاملا, ولكنهم لم يفدهم هذا, ولا أغنى عنهم شيئا.
" فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ " أي: بسبب تكذيبهم, وردهم الحق أول مرة.
ما كان يهديهم للإيمان, جزاء لهم على ردهم الحق, كما قال تعالى " وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " .
" كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ " عقوبة منه.
وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم.
" وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ " أي: وما وجدنا لأكثر الأمم, الذين أرسل اللّه إليهم الرسل من عهد, أي: من ثبات والتزام, لوصية اللّه, التي أوصى بها جميع العالمين, ولا انقادوا لأوامره, التي ساقها إليهم, على ألسنة رسله.
" وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ " أي: خارجين عن طاعة اللّه, متبعين لأهوائهم, بغير هدى من اللّه.
فاللّه تعالى امتحن العباد بإرسال الرسل, وإنزال الكتب وأمرهم باتباع عهده وهداه.
فلم يمتثل لأمره إلا القليل من الناس, الذين سبقت لهم من اللّه, سابقة السعادة.
وأما أكثر الخلق, فأعرضوا عن الهدى, واستكبروا عما جاءت به الرسل, فأحل اللّه بهم من عقوباته المتنوعة ما أحل.
" وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ " أي: خارجين عن طاعة اللّه, متبعين لأهوائهم, بغير هدى من اللّه.
فاللّه تعالى امتحن العباد بإرسال الرسل, وإنزال الكتب وأمرهم باتباع عهده وهداه.
فلم يمتثل لأمره إلا القليل من الناس, الذين سبقت لهم من اللّه, سابقة السعادة.
وأما أكثر الخلق, فأعرضوا عن الهدى, واستكبروا عما جاءت به الرسل, فأحل اللّه بهم من عقوباته المتنوعة ما أحل.
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ↓
أي: ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل, موسى الكليم, الإمام العظيم, والرسول الكريم, إلى قوم عتاة جبابرة, وهم فرعون وملأه, من أشرافهم وكبرائهم.
فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير " فَظَلَمُوا بِهَا " بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له, فهو ظالم, بل استكبروا عنها.
" فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " كيف أهلكهم اللّه, وأتبعهم الذم واللعنة, في الدنيا, ويوم القيامة, بئس الرفد المرفود, وهذا مجمل, فصله بقوله:
فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير " فَظَلَمُوا بِهَا " بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له, فهو ظالم, بل استكبروا عنها.
" فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " كيف أهلكهم اللّه, وأتبعهم الذم واللعنة, في الدنيا, ويوم القيامة, بئس الرفد المرفود, وهذا مجمل, فصله بقوله:
" وَقَالَ مُوسَى " حين جاء إلى فرعون, يدعوه إلى الإيمان.
" يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أي: إني رسول من مرسل عظيم, وهو رب العالمين, الشامل للعالم العلوي والسفلي, مربي جميع خلقه بأنواع التدابير الإلهية, التي من جملتها, أنه لا يتركهم سدى, بل يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين.
وهو الذي, لا يقدر أحد, أن يتجرأ عليه, ويدعي أنه أرسله, ولم يرسله.
" يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أي: إني رسول من مرسل عظيم, وهو رب العالمين, الشامل للعالم العلوي والسفلي, مربي جميع خلقه بأنواع التدابير الإلهية, التي من جملتها, أنه لا يتركهم سدى, بل يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين.
وهو الذي, لا يقدر أحد, أن يتجرأ عليه, ويدعي أنه أرسله, ولم يرسله.
حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ↓
فإذا كان هذا شأنه, وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته, فحقيق علي أن لا أكذب عليه, ولا أقول عليه إلا الحق.
فإني لو قلت غير ذلك, لعاجلني بالعقوبة, وأخذني أخذ عزيز مقتدر.
فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه, خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة, على صحة ما جاء به من الحق فوجب عليهم, أن يعملوا بمقصود رسالته, ولها مقصودان عظيمان.
إيمانهم به, واتباعهم له, وإرسال بني إسرائيل, الشعب الذي فضله اللّه على العالمين, أولاد الأنبياء, وسلسلة يعقوب عليه السلام, الذي موسى عليه الصلاة والسلام, واحد منهم.
فإني لو قلت غير ذلك, لعاجلني بالعقوبة, وأخذني أخذ عزيز مقتدر.
فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه, خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة, على صحة ما جاء به من الحق فوجب عليهم, أن يعملوا بمقصود رسالته, ولها مقصودان عظيمان.
إيمانهم به, واتباعهم له, وإرسال بني إسرائيل, الشعب الذي فضله اللّه على العالمين, أولاد الأنبياء, وسلسلة يعقوب عليه السلام, الذي موسى عليه الصلاة والسلام, واحد منهم.
فقال له فرعون: " إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " .
" فَأَلْقَى عَصَاهُ " في الأرض " فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ " أي: حية ظاهرة, تسعى, وهم يشاهدونها.
" وَنَزَعَ يَدَهُ " من جيبه " فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ " من غير سوء.
فهاتان آيتان كبيرتان, دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه, وأنه رسول رب العالمين.
ولكن الذين لا يؤمنون, لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون, حتى يروا العذاب الأليم.
فهاتان آيتان كبيرتان, دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه, وأنه رسول رب العالمين.
ولكن الذين لا يؤمنون, لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون, حتى يروا العذاب الأليم.
فلهذا " قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ " - حين بهرهم ما رأوا من الآيات, ولم يؤمنوا, وطلبوا لها التأويلات الفاسدة-: " إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ " أي: ماهر في سحره.
ثم خوفوا ضعفاء الأحلام, وسفهاء العقول, بأنه: " يُرِيدُ " موسى بفعله هذا " أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ " أي: يريد أن يجليكم عن أوطانكم " فَمَاذَا تَأْمُرُونَ " أي: إنهم تشاوروا فيما بينهم ما يفعلون بموسى, وما يندفع به ضرره بزعمهم عنهم.
فإن ما جاء به, إن لم يقابل بما يبطله ويدحضه, وإلا دخل في عقول أكثر الناس.
فإن ما جاء به, إن لم يقابل بما يبطله ويدحضه, وإلا دخل في عقول أكثر الناس.
فحينئذ انعقد رأيهم إلى أن قالوا لفرعون: " أَرْجِهْ وَأَخَاهُ " أي: احبسهما, وأمهلهما, وابعث في المدائن أناسا, يحشرون أهل المملكة ويأتون بكل سحار عليم, أي: يجيئون بالسحرة المهرة, ليقابلوا ما جاء به موسى.
فقالوا: يا موسى, اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت, مكانا سوي.
" قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى "
فقالوا: يا موسى, اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت, مكانا سوي.
" قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى "
وقال هنا " وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ " طالبين منه الجزاء إن غلبوا " قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ " .
" قَالَ " فرعون: " نَعَمْ " لكم أجر " وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " .
فوعدهم الأجر والتقريب, وعلو المنزلة عنده, ليجتهدوا ويبذلوا وسعهم وطاقتهم, في مغالبة موسى.
فوعدهم الأجر والتقريب, وعلو المنزلة عنده, ليجتهدوا ويبذلوا وسعهم وطاقتهم, في مغالبة موسى.
فلما حضروا مع موسى, بحضرة الخلق العظيم, " قَالُوا " على وجه التألي وعدم المبالاة, بما جاء به موسى: " يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ " ما معك " وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ " .
قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ↓
" قَالَ " موسى: " أَلْقُوا " لأجل أن يرى الناس ما معهم, وما مع موسى.
" فَلَمَّا أَلْقَوْا " حبالهم وعصيهم, إذا هي من سحرهم, كأنها حيات تسعى.
وبذلك " سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ " لم يوجد له نظير من السحر.
" فَلَمَّا أَلْقَوْا " حبالهم وعصيهم, إذا هي من سحرهم, كأنها حيات تسعى.
وبذلك " سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ " لم يوجد له نظير من السحر.
" وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ " فَأَلْقَاهَا " فَإِذَا هِيَ " حية تسعى, و " تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ " أي: يكذبون به ويموهون.
" فَوَقَعَ الْحَقُّ " أي: تبين وظهر, واستعلن في ذلك المجمع.
" وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
" وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
" فَغُلِبُوا هُنَالِكَ " أي: في ذلك المقام.
" وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ " أي: حقيرين, قد اضمحل باطلهم, وتلاشى سحرهم, ولم يحصل لهم المقصود, الذي ظنوا حصوله.
وأعظم من تبين له الحق العظيم أهل الصنف والسحر, الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته, ما لا يعرفه غيرهم.
فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات اللّه, لا يدان لأحد بها.
" وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ " أي: حقيرين, قد اضمحل باطلهم, وتلاشى سحرهم, ولم يحصل لهم المقصود, الذي ظنوا حصوله.
وأعظم من تبين له الحق العظيم أهل الصنف والسحر, الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته, ما لا يعرفه غيرهم.
فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات اللّه, لا يدان لأحد بها.
" وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ " أي: وصدقنا بما بعث به موسى من الآيات البينات.