وقوله: " وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " أي: ومن جملة من خلقنا, أمة فاضلة, كاملة في نفسها, مكملة لغيرها, يهدون أنفسهم وغيرهم, بالحق, فيعلمون الحق, ويعملون به, ويعلمونه, ويدعون إليه وإلى العمل به.
" وَبِهِ يَعْدِلُونَ " بين الناس في أحكامهم, إذا حكموا في الأموال, والدماء والحقوق, والمقالات, وغير ذلك.
وهؤلاء أئمة الهدى, ومصابيح الدجا.
وهم الذين أنعم اللّه عليهم بالإيمان, والعمل الصالح, والتواصي بالحق, والتواصي بالصبر.
وهم الصديقون الذين مرتبتهم, تلي مرتبة الرسالة.
وهم في أنفسهم مراتب متفاوتة كل بحسب حاله, وعلو منزلته.
فسبحان من يختص برحمته من يشاء, واللّه ذو الفضل العظيم.
" وَبِهِ يَعْدِلُونَ " بين الناس في أحكامهم, إذا حكموا في الأموال, والدماء والحقوق, والمقالات, وغير ذلك.
وهؤلاء أئمة الهدى, ومصابيح الدجا.
وهم الذين أنعم اللّه عليهم بالإيمان, والعمل الصالح, والتواصي بالحق, والتواصي بالصبر.
وهم الصديقون الذين مرتبتهم, تلي مرتبة الرسالة.
وهم في أنفسهم مراتب متفاوتة كل بحسب حاله, وعلو منزلته.
فسبحان من يختص برحمته من يشاء, واللّه ذو الفضل العظيم.
أي: والذين كذبوا بآيات اللّه, الدالة على صحة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, من الهدى, فردوها ولم يقبلوها.
" سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ " بأن اللّه يدر لهم الأرزاق
" سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ " بأن اللّه يدر لهم الأرزاق
" وَأُمْلِي لَهُمْ " أي: أمهلهم, حتى يظنوا أنهم لا يؤخذون, ولا يعاقبون, فيزدادوا كفرا وطغيانا, وشرا إلى شرهم.
وبذلك تزيد عقوبتهم, ويتضاعف عذابهم, فيضرون أنفسهم من حيث لا يعلمون, ولهذا قال: " إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " أي: قوي بليغ.
وبذلك تزيد عقوبتهم, ويتضاعف عذابهم, فيضرون أنفسهم من حيث لا يعلمون, ولهذا قال: " إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " أي: قوي بليغ.
" أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ " صلى الله عليه وسلم " مِنْ جِنَّةٍ " أي: أو لم يعملوا أفكارهم, وينظروا: هل في صاحبهم, الذي يعرفونه, ولا يخفى عليهم من حاله شيء, هل هو مجنون.
فلينظروا في أخلاقه وهديه, ودله وصفاته, وينظروا في ما دعا إليه.
فلا يجدون فيه من الصفات, إلا أكملها, ولا من الأخلاق إلا أتمها, ولا من العقل والرأي, إلا ما فاق به العالمين, ولا يدعو إلا لكل خير, ولا ينهى إلا عن كل شر.
أفبهذا يا أولي الألباب جنة؟!! أم هو الإمام العظيم, والناصح المبين, والماجد الكريم, والرءوف الرحيم؟!!.
ولهذا قال: " إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ " أي: يدعو الخلق إلى ما ينجيهم من العذاب, ويحصل لهم الثواب.
فلينظروا في أخلاقه وهديه, ودله وصفاته, وينظروا في ما دعا إليه.
فلا يجدون فيه من الصفات, إلا أكملها, ولا من الأخلاق إلا أتمها, ولا من العقل والرأي, إلا ما فاق به العالمين, ولا يدعو إلا لكل خير, ولا ينهى إلا عن كل شر.
أفبهذا يا أولي الألباب جنة؟!! أم هو الإمام العظيم, والناصح المبين, والماجد الكريم, والرءوف الرحيم؟!!.
ولهذا قال: " إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ " أي: يدعو الخلق إلى ما ينجيهم من العذاب, ويحصل لهم الثواب.
أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ↓
" أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " فإنهم إذا نظروا إليها, وجدوها أدلة على توحيد ربها, وعلى ما له من صفات الكمال.
وكذلك لينظروا إلى جميع " وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ " فإن جميع أجزاء العالم, تدل أعظم دلالة, على اللّه وقدرته, وحكمته, وسعة رحمته, وإحسانه, ونفوذ مشيئته, وغير ذلك من صفاته العظيمة, الدالة على تفرده بالخلق, والتدبير, الموجبة لأن يكون هو المعبود المحمود, المسبح الموحد المحبوب.
وقوله " وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ " أي: لينظروا في خصوص حالهم, ولينظروا لأنفسهم قبل أن يقترب أجلهم, ويفجأهم الموت, وهم في غفلة معرضون, فلا يتمكنون حينئذ, من استدراك الفارط.
" فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ " أي: إذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل, فأي حديث يؤمنون به؟!! أبكتب الكذب والضلال؟ أم بحديث كل مفتر دجال؟.
ولكن الضال لا حيلة فيه, ولا سبيل إلى هدايته.
وكذلك لينظروا إلى جميع " وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ " فإن جميع أجزاء العالم, تدل أعظم دلالة, على اللّه وقدرته, وحكمته, وسعة رحمته, وإحسانه, ونفوذ مشيئته, وغير ذلك من صفاته العظيمة, الدالة على تفرده بالخلق, والتدبير, الموجبة لأن يكون هو المعبود المحمود, المسبح الموحد المحبوب.
وقوله " وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ " أي: لينظروا في خصوص حالهم, ولينظروا لأنفسهم قبل أن يقترب أجلهم, ويفجأهم الموت, وهم في غفلة معرضون, فلا يتمكنون حينئذ, من استدراك الفارط.
" فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ " أي: إذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل, فأي حديث يؤمنون به؟!! أبكتب الكذب والضلال؟ أم بحديث كل مفتر دجال؟.
ولكن الضال لا حيلة فيه, ولا سبيل إلى هدايته.
ولهذا قال تعالى " مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " أي: يتحيرون ويترددون, فلا يخرجون من طغيانهم, ولا يهتدون إلى حق.
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ↓
يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: " يَسْأَلُونَكَ " أي: المكذبون لك, المتعنتون " عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا " أي: متى وقتها, الذي تجيء به, ومتى تحل بالخلق؟.
" قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي " أي: إنه تعالى المختص بعلمها.
" لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ " أي: لا يظهرها لوقتها الذي قدر أن تقوم فيه, إلا هو.
" ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: خفى علمها على أهل السماوات والأرض, واشتد أمرها أيضا عليهم, فهم من الساعة مشفقون.
" لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً " أي: فجأة من حيث لا يشعرون, لم يستعدوا لها, ولم يتهيأوا لها.
" يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا " أي: هم حريصون على سؤالك عن الساعة, كأنك مستحف عن السؤال عنها, ولم يعلموا أنك - لكمال علمك بربك, وما ينفع السؤال عنه - غير مبال بالسؤال الخالي من المصلحة, المتعذر علمه, فإنه لا يعلمها نبي مرسل, ولا ملك مقرب.
وهي من الأمور التي أخفاها عن الخلق, لكمال حكمته, وسعة علمه.
" قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " .
فلذلك حرصوا, على ما لا ينبغي الحرص عليه.
وخصوصا مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الأهم, ويدعون ما يجب عليهم, من العلم, ثم يذهبون إلى ما لا سبيل لأحد أن يدركه, ولا هم مطالبون بعلمه.
" قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي " أي: إنه تعالى المختص بعلمها.
" لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ " أي: لا يظهرها لوقتها الذي قدر أن تقوم فيه, إلا هو.
" ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: خفى علمها على أهل السماوات والأرض, واشتد أمرها أيضا عليهم, فهم من الساعة مشفقون.
" لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً " أي: فجأة من حيث لا يشعرون, لم يستعدوا لها, ولم يتهيأوا لها.
" يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا " أي: هم حريصون على سؤالك عن الساعة, كأنك مستحف عن السؤال عنها, ولم يعلموا أنك - لكمال علمك بربك, وما ينفع السؤال عنه - غير مبال بالسؤال الخالي من المصلحة, المتعذر علمه, فإنه لا يعلمها نبي مرسل, ولا ملك مقرب.
وهي من الأمور التي أخفاها عن الخلق, لكمال حكمته, وسعة علمه.
" قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " .
فلذلك حرصوا, على ما لا ينبغي الحرص عليه.
وخصوصا مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الأهم, ويدعون ما يجب عليهم, من العلم, ثم يذهبون إلى ما لا سبيل لأحد أن يدركه, ولا هم مطالبون بعلمه.
قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
" قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا " فإني فقير مدبر, لا يأتيني خير, إلا من اللّه, ولا يدفع عني الشر, إلا هو, وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى.
" وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ " .
أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع, ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه, لعلي بالأشياء قبل كونها, وعلمي بما تفضي إليه.
ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء, وقد يفوتني ما يفوتني, من مصالح الدنيا ومنافعها.
فهذا أول دليل, على أني لا علم لي بالغيب.
" إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ " أنذر بالعقوبات الدينية والدنيوية, والأخروية, وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك, وأحذر منها.
" وَبَشِيرٌ " بالثواب العاجل, ببيان الأعمال الموصلة إليه, والترغيب فيها.
ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة, وإنما ينتفع بذلك, ويقبله, المؤمنون.
وهذه الآيات الكريمات, مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم, ويدعوه لحصول نفع, أو دفع ضر.
فإنه ليس بيده شيء من الأمر, ولا ينفع من لم ينفعه اللّه, ولا يدفع الضر, عمن لم يدفعه اللّه عنه, ولا له من العلم, إلا ما علمه اللّه.
وإنما ينفع, من قبل ما أرسل به, من البشارة والنذارة, وعمل بذلك.
فهذا نفعه عليه السلام, الذي فاق نفع الآباء والأمهات, والأخلاء والإخوان, بما حث العباد على كل خير, وحذرهم عن كل شر, وفيه لهم, غاية البيان والإيضاح.
" وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ " .
أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع, ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه, لعلي بالأشياء قبل كونها, وعلمي بما تفضي إليه.
ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء, وقد يفوتني ما يفوتني, من مصالح الدنيا ومنافعها.
فهذا أول دليل, على أني لا علم لي بالغيب.
" إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ " أنذر بالعقوبات الدينية والدنيوية, والأخروية, وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك, وأحذر منها.
" وَبَشِيرٌ " بالثواب العاجل, ببيان الأعمال الموصلة إليه, والترغيب فيها.
ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة, وإنما ينتفع بذلك, ويقبله, المؤمنون.
وهذه الآيات الكريمات, مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم, ويدعوه لحصول نفع, أو دفع ضر.
فإنه ليس بيده شيء من الأمر, ولا ينفع من لم ينفعه اللّه, ولا يدفع الضر, عمن لم يدفعه اللّه عنه, ولا له من العلم, إلا ما علمه اللّه.
وإنما ينفع, من قبل ما أرسل به, من البشارة والنذارة, وعمل بذلك.
فهذا نفعه عليه السلام, الذي فاق نفع الآباء والأمهات, والأخلاء والإخوان, بما حث العباد على كل خير, وحذرهم عن كل شر, وفيه لهم, غاية البيان والإيضاح.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ↓
أي: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ " أيها الرجال والنساء, المنتشرون في الأرض على كثرتكم وتفرقكم.
" مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " وهو: آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم.
" وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا " أي: خلق من آدم زوجته حواء " لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " لأنها إذا كانت منه, حصل بينهما من المناسبة والموافقة, ما يقتضي سكون أحدهما إلى الآخر, فانقاد كل منها إلى صاحبه, بزمام الشهوة.
" فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " أي تجللها مجامعا لها قدر الباري أن يوجد من تلك الشهوة, وذلك الجماع, النسل, وحينئذ " حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا " وذلك في ابتداء الحمل, لا تحس به الأنثى, ولا يثقلها.
" فَلَمَّا " استمرت و " أَثْقَلَتْ " به حين كبر في بطنها, فحينئذ صار في قلوبهما الشفقة على الولد, وعلى خروجه حيا, صحيحا, سالما لا آفة فيه.
لذلك " دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا " ولدا " صَالِحًا " أي: صالح الخلقة تامها, لا نقص فيه " لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ " .
" مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " وهو: آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم.
" وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا " أي: خلق من آدم زوجته حواء " لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " لأنها إذا كانت منه, حصل بينهما من المناسبة والموافقة, ما يقتضي سكون أحدهما إلى الآخر, فانقاد كل منها إلى صاحبه, بزمام الشهوة.
" فَلَمَّا تَغَشَّاهَا " أي تجللها مجامعا لها قدر الباري أن يوجد من تلك الشهوة, وذلك الجماع, النسل, وحينئذ " حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا " وذلك في ابتداء الحمل, لا تحس به الأنثى, ولا يثقلها.
" فَلَمَّا " استمرت و " أَثْقَلَتْ " به حين كبر في بطنها, فحينئذ صار في قلوبهما الشفقة على الولد, وعلى خروجه حيا, صحيحا, سالما لا آفة فيه.
لذلك " دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا " ولدا " صَالِحًا " أي: صالح الخلقة تامها, لا نقص فيه " لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ " .
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ↓
" فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا " على وفق ما طلبا, وتمت عليهما النعمة فيه " جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا " أي: جعلا للّه شركاء في ذلك الولد, الذي انفرد اللّه بإيجاده, والنعمة به, وأقرَّ به أعين والديه, فَعَّبداه لغير اللّه.
إما أن يسمياه بعبد غير اللّه كـ " عبد الحارث " و " عبد العزى, و " عبد الكعبة " ونحو ذلك.
أو يشركا في اللّه في العبادة, بعد ما منَّ اللّه عليهما بما منَّ به, من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد.
وهذا انتقال من النوع إلى الجنس, فإن أول الكلام, في آدم وحواء.
ثم انتقل الكلام في الجنس.
ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا, فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك, وأنهم في ذلك, ظالمون, أشد الظلم, سواء كان الشرك في الأقوال, أم في الأفعال.
فإن اللّه, هو الخالق لهم, من نفس واحدة, الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا, ثم جعل بينهم من المودة والرحمة, ما يسكن بعضهم إلى بعض, ويألفه, ويلتذ به.
ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة, والأولاد, والنسل.
ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات, وقتا موقوتا, تتشوف إليه نفوسهم ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا, فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم.
أفلا يستحق أن يعدوه, ولا يشركوا في عادته أحدا, ويخلصوا له الدين.
إما أن يسمياه بعبد غير اللّه كـ " عبد الحارث " و " عبد العزى, و " عبد الكعبة " ونحو ذلك.
أو يشركا في اللّه في العبادة, بعد ما منَّ اللّه عليهما بما منَّ به, من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد.
وهذا انتقال من النوع إلى الجنس, فإن أول الكلام, في آدم وحواء.
ثم انتقل الكلام في الجنس.
ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا, فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك, وأنهم في ذلك, ظالمون, أشد الظلم, سواء كان الشرك في الأقوال, أم في الأفعال.
فإن اللّه, هو الخالق لهم, من نفس واحدة, الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا, ثم جعل بينهم من المودة والرحمة, ما يسكن بعضهم إلى بعض, ويألفه, ويلتذ به.
ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة, والأولاد, والنسل.
ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات, وقتا موقوتا, تتشوف إليه نفوسهم ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا, فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم.
أفلا يستحق أن يعدوه, ولا يشركوا في عادته أحدا, ويخلصوا له الدين.
ولكن الأمر جاء على العكس, فأشركوا باللّه " مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ "
" وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ " أي: لعاديها " نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ " .
فإذا كانت لا تخلق شيئا, ولا مثقال ذرة, بل هي مخلوقة, ولا تستطيع أن تدفع المكروه عن من يعدها, ولا عن أنفسها فكيف تتخذ مع اللّه آلهة؟!! إن هذا إلا أظلم الظلم, وأسفه السفه.
فإذا كانت لا تخلق شيئا, ولا مثقال ذرة, بل هي مخلوقة, ولا تستطيع أن تدفع المكروه عن من يعدها, ولا عن أنفسها فكيف تتخذ مع اللّه آلهة؟!! إن هذا إلا أظلم الظلم, وأسفه السفه.
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ↓
" وَإِنْ تَدْعُوهُمْ " أي: وإن تدعوا, أيها المشركون هذة الأصنام, التي عدتموها من دون اللّه " إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ " .
فصار الإنسان أحسن حالة منها, لأنها لا تسمع, ولا تصر, ولا ت هدِي ولا تُهد ى.
وكل هذا, إذا تصوره اللي العاقل تصورا مجردا, جزم طلان إلهيتها, وسفاهة من عدها.
فصار الإنسان أحسن حالة منها, لأنها لا تسمع, ولا تصر, ولا ت هدِي ولا تُهد ى.
وكل هذا, إذا تصوره اللي العاقل تصورا مجردا, جزم طلان إلهيتها, وسفاهة من عدها.
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ↓
وهذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان.
يقول تعالى " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ " أي: لا فرق بينكم وبينهم, فكلكم عبيد للّه مملوكون.
فإن كنتم كما تزعمون صادقين, في أنها تستحق من العبادة شيئا " فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ " فإن استجابوا لكم, وحصلوا مطلوبكم وإلا تبين, أنكم كاذبون في هذه الدعوى, مفترون على اللّه أعظم الفرية.
وهذا لا يحتاج إلى تبيين فيه, فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها, دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء.
يقول تعالى " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ " أي: لا فرق بينكم وبينهم, فكلكم عبيد للّه مملوكون.
فإن كنتم كما تزعمون صادقين, في أنها تستحق من العبادة شيئا " فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ " فإن استجابوا لكم, وحصلوا مطلوبكم وإلا تبين, أنكم كاذبون في هذه الدعوى, مفترون على اللّه أعظم الفرية.
وهذا لا يحتاج إلى تبيين فيه, فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها, دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء.
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ ↓
فليس لها أرجل تمشي بها, ولا أيد تبطش بها, ولا أعين تبصر بها, ولا آذان تسمع بها, فهي عادمة لجميع الآلات والقوى, الموجودة في الإنسان.
فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها, فهي عباد أمثالكم, بل أنتم أكمل منها, وأقوى على كثير من الأشياء, فلأي شيء عبدتموها.
" قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ " أي: اجتمعوا أنتم وشركاؤكم, على إيقاع السوء والمكروه بي, من غير إمهال ولا إنظار.
فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي.
فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها, فهي عباد أمثالكم, بل أنتم أكمل منها, وأقوى على كثير من الأشياء, فلأي شيء عبدتموها.
" قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ " أي: اجتمعوا أنتم وشركاؤكم, على إيقاع السوء والمكروه بي, من غير إمهال ولا إنظار.
فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي.
" إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ " الذي يتولاني, فيجلب لي المنافع ويدفع عني المضار.
" الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ " الذي فيه الهدى, والشفاء, والنور.
وهو من توليه وتربيته لعباده الخاصة الدينية.
" وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " الذين صلحت نياتهم وأعمالهم, وأقوالهم, كما قال تعالى " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " .
فالمؤمنون الصالحون - لما تولوا ربهم بالإيمان والتقوى, ولم يتولوا غيره, ممن لا ينفع, ولا يضر - تولاهم اللّه, ولطف بهم, وأعانهم على ما فيه الخير والمصلحة, في دينهم, ودنياهم, ودفع عنهم - بإيمانهم - كل مكروه, كما قال تعالى " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا " .
" الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ " الذي فيه الهدى, والشفاء, والنور.
وهو من توليه وتربيته لعباده الخاصة الدينية.
" وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " الذين صلحت نياتهم وأعمالهم, وأقوالهم, كما قال تعالى " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " .
فالمؤمنون الصالحون - لما تولوا ربهم بالإيمان والتقوى, ولم يتولوا غيره, ممن لا ينفع, ولا يضر - تولاهم اللّه, ولطف بهم, وأعانهم على ما فيه الخير والمصلحة, في دينهم, ودنياهم, ودفع عنهم - بإيمانهم - كل مكروه, كما قال تعالى " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا " .
وهذا أيضا في بيان عدم استحقاق هذه الأصنام, التي يعبدونها, من دون اللّه, لشيئا من العبادة, لأنها ليس لها استطاعة ولا اقتدار, في نصر أنفسها, ولا في نصر عابديها, وليس لها قوة العقل والاستجابة.
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ↑
فلو دعوتها إلى الهدى, لم تهتد, وهي صور لا حياة فيها.
فتراهم ينظرون إليك, وهم لا يبصرون حقيقة, لأنهم صوروها على صور الحيوانات, من الآدميين أو غيرهم, وجعلوا لها أبصارا, وأعضاء.
فإذا رأيتها, قلت: هذه حية, فإذا تأملتها, عرفت أنها جمادات, لا حراك بها, ولا حياة.
فبأي رأي اتخذها المشركون آلهة مع اللّه؟ ولأي مصلحة, أو نفع, عكفوا عندها, وتقربوا لها, بأنواع العبادات؟ فإذا عرف هذا, عرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها, لو اجتمعوا, وأرادوا أن يكيدوا, من تولاه فاطر السماوات والأرض, متولي أحوال عباده الصالحين, لم يقدروا على كيده, بمثقال ذرة من الشر, لكمال عجزهم وعجزها, وكمال قوة اللّه واقتداره, وقوة من احتمى بجلاله, وتوكل عليه.
وقيل: إن معنى قوله " وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ " أن الضمير يعود إلى المشركين المكذبين لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
فتحسسهم ينظرون إليك يا رسول اللّه, نظر اعتبار, يتبين به الصادق من الكاذب.
ولكنهم لا يبصرون حقيقتك, وما يتوسمه المتوسمون فيك, من الجمال والكمال, والصدق.
فتراهم ينظرون إليك, وهم لا يبصرون حقيقة, لأنهم صوروها على صور الحيوانات, من الآدميين أو غيرهم, وجعلوا لها أبصارا, وأعضاء.
فإذا رأيتها, قلت: هذه حية, فإذا تأملتها, عرفت أنها جمادات, لا حراك بها, ولا حياة.
فبأي رأي اتخذها المشركون آلهة مع اللّه؟ ولأي مصلحة, أو نفع, عكفوا عندها, وتقربوا لها, بأنواع العبادات؟ فإذا عرف هذا, عرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها, لو اجتمعوا, وأرادوا أن يكيدوا, من تولاه فاطر السماوات والأرض, متولي أحوال عباده الصالحين, لم يقدروا على كيده, بمثقال ذرة من الشر, لكمال عجزهم وعجزها, وكمال قوة اللّه واقتداره, وقوة من احتمى بجلاله, وتوكل عليه.
وقيل: إن معنى قوله " وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ " أن الضمير يعود إلى المشركين المكذبين لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
فتحسسهم ينظرون إليك يا رسول اللّه, نظر اعتبار, يتبين به الصادق من الكاذب.
ولكنهم لا يبصرون حقيقتك, وما يتوسمه المتوسمون فيك, من الجمال والكمال, والصدق.
هذه الآية جامعة, لحسن الخلق مع الناس, وما ينبغي في معاملتهم.
فالذي ينبغي أن يعامل به الناس, أن يأخذ العفو, أي: ما سمحت به أنفسهم, وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق.
فلا يكلفهم, ما لا تسمح به طبائعهم, بل يشكر من كل أحد, ما قابله به, من قول, وفعل, جميل, أو ما هو دون ذلك, ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم.
ولا يتكبر على الصغير لصغره, ولا ناقص العقل لنقصه, ولا الفقير لفقره.
بل يعامل الجميع, باللطف, والمقابلة بما تقضيه الحال, وتنشرح له صدورهم.
" وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " أي: بكل قول حسن, وفعل جميل, وخلق كامل للقريب والبعيد.
فاجعل ما يأتي إلى الناس منك, إما تعليم علم, أو حثا على خير, من صلة رحم, أو بَرِّ والدين, أو إصلاح بين الناس, أو نصيحة نافعة, أو رأي مصيب, أو معاونة على بر وتقوى, أو زجر عن قبيح, أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية, أو دنيوية.
ولما كان لابد من أذية الجاهل, أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل, بالإعراض عنه, وعدم مقابلته بجهله.
فمن آذاك, بقوله, أو فعله, لا تؤذه, ومن حرمك, لا تحرمه, ومن قطعك, فَصِلْهُ, ومن ظلمك فاعدل فيه.
وأما ما ينبغي أن يعامل به العبد شياطين الجن, فقال تعالى: " وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ " إلى " ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ " .
فالذي ينبغي أن يعامل به الناس, أن يأخذ العفو, أي: ما سمحت به أنفسهم, وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق.
فلا يكلفهم, ما لا تسمح به طبائعهم, بل يشكر من كل أحد, ما قابله به, من قول, وفعل, جميل, أو ما هو دون ذلك, ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم.
ولا يتكبر على الصغير لصغره, ولا ناقص العقل لنقصه, ولا الفقير لفقره.
بل يعامل الجميع, باللطف, والمقابلة بما تقضيه الحال, وتنشرح له صدورهم.
" وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " أي: بكل قول حسن, وفعل جميل, وخلق كامل للقريب والبعيد.
فاجعل ما يأتي إلى الناس منك, إما تعليم علم, أو حثا على خير, من صلة رحم, أو بَرِّ والدين, أو إصلاح بين الناس, أو نصيحة نافعة, أو رأي مصيب, أو معاونة على بر وتقوى, أو زجر عن قبيح, أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية, أو دنيوية.
ولما كان لابد من أذية الجاهل, أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل, بالإعراض عنه, وعدم مقابلته بجهله.
فمن آذاك, بقوله, أو فعله, لا تؤذه, ومن حرمك, لا تحرمه, ومن قطعك, فَصِلْهُ, ومن ظلمك فاعدل فيه.
وأما ما ينبغي أن يعامل به العبد شياطين الجن, فقال تعالى: " وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ " إلى " ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ " .
أي: أي وقت, وفي أي حال " يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ " أي: تحس منه بوسوسة, وتثبيط عن الخير, أو حث على الشر, وإيعاز به.
" فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ " أي: التجئ واعتصم باللّه, واحتم بحماه " إِنَّهُ سَمِيعٌ " لما تقول.
" عَلِيمٌ " بنيتك وضعفك, وقوة التجائك له, فسيحميك من فتنته, ويقيك من وسوسته, كما قال تعالى: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " إلى آخر السورة.
" فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ " أي: التجئ واعتصم باللّه, واحتم بحماه " إِنَّهُ سَمِيعٌ " لما تقول.
" عَلِيمٌ " بنيتك وضعفك, وقوة التجائك له, فسيحميك من فتنته, ويقيك من وسوسته, كما قال تعالى: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " إلى آخر السورة.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ↓
ولما كان العبد, لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان, الذي لا يزال مرابطا, ينتظر غرته وغفلته, ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين, وأن المتقي - إذا أحس بذنب, ومسه طائف من الشيطان, فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب - تذكر من أي باب أُتِيَ, ومن أي مدخل دخل الشيطان عليه, وتذكر ما أوجب اللّه عليه, وما عليه من لوازم الإيمان, فأبصر واستغفر اللّه تعالى, واستدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح, والحسنات الكثيرة.
فرد شيطانه خاسئا حسيرا, قد أفسد عليه كل ما أدركه منه.
فرد شيطانه خاسئا حسيرا, قد أفسد عليه كل ما أدركه منه.
وأما إخوان الشياطين, وأولياؤهم, فإنهم إذا وقعوا في الذنوب, لا يزالون يمدونهم في الغي, ذنبا بعد ذنب, ولا يقصرون عن ذلك.
فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء, لأنها طمعت فيهم, حين رأتهم سلسي القياد لها, وهم لا يقصرون عن فعل الشر.
فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء, لأنها طمعت فيهم, حين رأتهم سلسي القياد لها, وهم لا يقصرون عن فعل الشر.
وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
أي لا يزال هؤلاء المكذبون لك في تعنت وعناد, ولو جاءتهم الآيات الدالة على الهدى والرشاد.
فإذا جئتهم بشيء من الآيات الدالة على صدقك, لم ينقادوا.
" وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ " من آيات الاقتراح, التي يعينونها " قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا " أي: هلا اخترت الآية, فصارت الآية الفلانية, والمعجزة الفلانية كأنك أنت المنزل للآيات, المدبر لجميع المخلوقات, ولم يعلموا أنه ليس لك من الأمر شيء.
أو لو لا اخترعتها من نفسك.
" قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي " , فأنا عبد متبع, مدبر.
واللّه تعالى هو الذي ينزل الآيات ويرسلها, على حسب ما اقتضاه حمده, وطلبته حكمته البالغة.
فإن أردتم آية, لا تضمحل على تعاقب الأوقات, وحجة, لا تبطل في جميع الآنات.
فإن " هَذَا " القرآن العظيم, والذكر الحكيم " بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ " يستبصر به في جميع المطالب الإلهية, والمقاعد الإنسانية, وهو الدليل والمدلول فمن تفكر وتدبره, علم أنه تنزيل من حكيم حميد, لا يأتيه الباطل من بين يديه, ولا من خلفه.
وبه قامت الحجة, على كل من بلغه, ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
وإلا فمن آمن, فهو " هُدًى " له من الضلال " وَرَحْمَةٌ " له من الشقاء.
فالمؤمن, مهتد بالقرآن, متبع له, سعيد في دنياه وأخراه.
وأما من لم يؤمن به, فإنه ضال شقي, في الدنيا والآخرة.
فإذا جئتهم بشيء من الآيات الدالة على صدقك, لم ينقادوا.
" وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ " من آيات الاقتراح, التي يعينونها " قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا " أي: هلا اخترت الآية, فصارت الآية الفلانية, والمعجزة الفلانية كأنك أنت المنزل للآيات, المدبر لجميع المخلوقات, ولم يعلموا أنه ليس لك من الأمر شيء.
أو لو لا اخترعتها من نفسك.
" قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي " , فأنا عبد متبع, مدبر.
واللّه تعالى هو الذي ينزل الآيات ويرسلها, على حسب ما اقتضاه حمده, وطلبته حكمته البالغة.
فإن أردتم آية, لا تضمحل على تعاقب الأوقات, وحجة, لا تبطل في جميع الآنات.
فإن " هَذَا " القرآن العظيم, والذكر الحكيم " بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ " يستبصر به في جميع المطالب الإلهية, والمقاعد الإنسانية, وهو الدليل والمدلول فمن تفكر وتدبره, علم أنه تنزيل من حكيم حميد, لا يأتيه الباطل من بين يديه, ولا من خلفه.
وبه قامت الحجة, على كل من بلغه, ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
وإلا فمن آمن, فهو " هُدًى " له من الضلال " وَرَحْمَةٌ " له من الشقاء.
فالمؤمن, مهتد بالقرآن, متبع له, سعيد في دنياه وأخراه.
وأما من لم يؤمن به, فإنه ضال شقي, في الدنيا والآخرة.
هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب اللّه يتلى, فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات.
والفرق بين الاستماع والإنصات, أن الإنصات في الظاهر, بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.
وأما الاستماع له, فهو أن يلقي سمعه, ويحضر قلبه, ويتدبر ما يستمع.
فإن من لازم على هذين الأمرين, حين يتلى كتاب اللّه, فإنه ينال خيرا كثيرا, وعلما غزيرا, وإيمانا مستمرا متجددا, وهدى متزايدا, وبصيرة في دينه.
ولهذا رتب اللّه حصول الرحمة عليهما.
فدل ذلك, على أن من تلي عليه الكتاب, فلم يستمع له ولم ينصت, أنه محروم الحظ, من الرحمة, قد فاته خير كثير.
ومن أوكد ما يؤمر مستمع القرآن, أنه يستمع له وينصت, في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه, فإنه مأمور بالإنصات.
حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات, أولى من قراءته الفاتحة, وغيرها.
والفرق بين الاستماع والإنصات, أن الإنصات في الظاهر, بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.
وأما الاستماع له, فهو أن يلقي سمعه, ويحضر قلبه, ويتدبر ما يستمع.
فإن من لازم على هذين الأمرين, حين يتلى كتاب اللّه, فإنه ينال خيرا كثيرا, وعلما غزيرا, وإيمانا مستمرا متجددا, وهدى متزايدا, وبصيرة في دينه.
ولهذا رتب اللّه حصول الرحمة عليهما.
فدل ذلك, على أن من تلي عليه الكتاب, فلم يستمع له ولم ينصت, أنه محروم الحظ, من الرحمة, قد فاته خير كثير.
ومن أوكد ما يؤمر مستمع القرآن, أنه يستمع له وينصت, في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه, فإنه مأمور بالإنصات.
حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات, أولى من قراءته الفاتحة, وغيرها.
وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ↓
الذكر للّه تعالى, يكون بالقلب, ويكون باللسان, ويكون بهما, وهو أكمل أنواع الذكر وأحواله.
فأمر اللّه, عبده ورسوله, محمدا أصلا, وغيره تبعا - بذكر ربه في نفسه أي: مخلصا خاليا.
" تَضَرُّعًا " بلسانك, مكررا لأنواع الذكر.
" وَخِيفَةً " في قلبك بأن تكون خائفا من اللّه, وَجِلَ القلب منه, خوفا أن يكون عملك غير مقبول.
وعلامة الخوف, أن يسعى ويجتهد, في تكميل العمل وإصلاحه, والنصح به.
" وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ " أي: كن متوسطا, لا تجهر بصلاتك, ولا تخافت بها, وابتغ بين ذلك سبيلا.
" بِالْغُدُوِّ " أول النهار " وَالْآصَالِ " آخره وهذان الوقتان, فيهما مزية وفضيلة على غيرهما.
" وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ " الذين نسوا اللّه, فأنساهم أنفسهم.
فإنهم حرموا خير الدنيا والآخرة.
وأعرضوا عمن كل السعادة والفوز, في ذكره وعبوديته.
وأقبلوا على من كل الشقاوة والخيبة, في الاشتغال به.
وهذه من الآداب, التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها.
وهي: الإكثار من ذكر اللّه آناء الليل والنهار, خصوصا, طَرَفَيِ النهار, مخلصا خاشعا, متضرعا, متذللا, ساكنا, متواطئا عليه قلبه ولسانه بأدب ووقار, وإقبال على الدعاء والذكر, وإحضار له بقلبه, وعدم غفلة, فإن اللّه لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ثم ذكر تعالى أن له عبادا.
مستديمين لعبادته, ملازمين لخدمته وهم الملائكة, لتعلموا أن اللّه, لا يريد أن يتكثر بعبادتكم من قلة, ولا ليتعزز بها من ذلة.
وإنما يريد نفع أنفسكم, وأن تربحوا عليه, أضعاف أضعاف, ما عملتم, فقال:
فأمر اللّه, عبده ورسوله, محمدا أصلا, وغيره تبعا - بذكر ربه في نفسه أي: مخلصا خاليا.
" تَضَرُّعًا " بلسانك, مكررا لأنواع الذكر.
" وَخِيفَةً " في قلبك بأن تكون خائفا من اللّه, وَجِلَ القلب منه, خوفا أن يكون عملك غير مقبول.
وعلامة الخوف, أن يسعى ويجتهد, في تكميل العمل وإصلاحه, والنصح به.
" وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ " أي: كن متوسطا, لا تجهر بصلاتك, ولا تخافت بها, وابتغ بين ذلك سبيلا.
" بِالْغُدُوِّ " أول النهار " وَالْآصَالِ " آخره وهذان الوقتان, فيهما مزية وفضيلة على غيرهما.
" وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ " الذين نسوا اللّه, فأنساهم أنفسهم.
فإنهم حرموا خير الدنيا والآخرة.
وأعرضوا عمن كل السعادة والفوز, في ذكره وعبوديته.
وأقبلوا على من كل الشقاوة والخيبة, في الاشتغال به.
وهذه من الآداب, التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها.
وهي: الإكثار من ذكر اللّه آناء الليل والنهار, خصوصا, طَرَفَيِ النهار, مخلصا خاشعا, متضرعا, متذللا, ساكنا, متواطئا عليه قلبه ولسانه بأدب ووقار, وإقبال على الدعاء والذكر, وإحضار له بقلبه, وعدم غفلة, فإن اللّه لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ثم ذكر تعالى أن له عبادا.
مستديمين لعبادته, ملازمين لخدمته وهم الملائكة, لتعلموا أن اللّه, لا يريد أن يتكثر بعبادتكم من قلة, ولا ليتعزز بها من ذلة.
وإنما يريد نفع أنفسكم, وأن تربحوا عليه, أضعاف أضعاف, ما عملتم, فقال:
إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ↓
" إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ " من الملائكة المقربين, وحملة العرش والكروبيين.
" لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ " بل يذعنون لها, وينقادون لأوامر ربهم " وَيُسَبِّحُونَهُ " الليل والنهار, لا يفترون.
" وَلَهُ " وحده لا شريك له " يَسْجُدُونَ " , فليقتد العباد, بهؤلاء الملائكة الكرام.
وليداوموا على عبادة الملك العلام تم تفسير سورة الأعراف وللّه الحمد والشكر والثناء.
وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم
" لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ " بل يذعنون لها, وينقادون لأوامر ربهم " وَيُسَبِّحُونَهُ " الليل والنهار, لا يفترون.
" وَلَهُ " وحده لا شريك له " يَسْجُدُونَ " , فليقتد العباد, بهؤلاء الملائكة الكرام.
وليداوموا على عبادة الملك العلام تم تفسير سورة الأعراف وللّه الحمد والشكر والثناء.
وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم